ورغم أني لا أملك جوابا جازما للسؤال أعلاه, إلا أني أردده بجرعة كبيرة في كل موقف يكون الجواب فيه «لا»! في تلك المرات التي يوسوس لي الشيطان فيها بعدم وجود مسؤول أصلا! أردده مع سابق علمي وعلمكم أن المسار الطبيعي للعلاقة بين «المسؤول» و«المواطن» هي أن يحس الأول باحتياجات الثاني وأن يعمل جادا لتذليل كل الصعاب التي تواجهه تحت مظلة القانون, وبالطبع ذلك ليس كرما منه على أساس تقاضيه أجرا وإنما واجب صريح تفرضه كل ديانات السماء وجميع قيم وأعراف وقوانين الأرض! في قسم الطوارئ المهترئ في المستشفى العام حيث ينحشر جمع من المرضى في مكان بريء جدا من أي أشكال النظافة, بانتظار إطلالة طبيب وحيد يعمل وفق طاقة بشرية محددة, سيطل السؤال أعلاه من جديد؟ ستتساءل بشكل لا إرادي إن كان المسؤول هناك يعلم شيئا عن معاناة المرضى هناك؟ ستعلو رأسك علامات الاستفهام الكثيرة حول إن كان هو أو أحد حاشيته مر من هناك على الأقل, ثم سيتدخل الشيطان كعادته بالسؤال الحاسم, أين يتعالج المسؤول حين يدهمه المرض؟ وحينها ستهبط على رأسك كل إجابات الأسئلة السابقة! في الدائرة الحكومية التي تقضي فيها نصف يومك من أجل أن يتكرم أحدهم بالتوقيع على معاملتك التي لا يأتيها «النقص» من بين يديها ولا من خلفها, سيكون السؤال أعلاه حاضرا, ستردده وأنت تتردد على مكتب معاليه الخالي إلا من البيروقراطية, الفارغ إلا من تعطيل مصالح الناس, ستقودك خبرتك الممتدة في مراجعة الدوائر الحكومية إلى شكواه لمديره, ثم ستلوم خبرتك الممتدة تلك حين تجد مكتب المدير فارغ أيضا! ما رأيكم الآن أن نعيد صياغة السؤال بشكل أفضل, هل يحس المواطن بالمسؤول؟ وللإجابة عن السؤال السابق أحيلكم فقط لأي زيارة قام بها أصغر مسؤول لأبعد فرع للدائرة التي يعمل بها!