بعد مضي أسبوعين على بدء الدراسة، تنبهت تربويات في تعليم البنات إلى ظهور بعض السلوكيات الغريبة بين طالبات المرحلة الثانوية، وبعد التدقيق والملاحظة وجدن أن هذه السلوكيات جاءت بتأثير من مسلسل «بنات الثانوية» الذي يعرض هذه الأيام على قناة «mbc» التي يطلق عليها البعض قناة الأسرة العربية. ويؤكد القائمون على العمل، حسب قولهم، أن المسلسل موجه لجميع فئات المجتمع «الصغار، المراهقين، والكبار»، وأكدت مسؤولات في تعليم البنات أن المسلسل الذي عرض خلال شهر رمضان الكريم على قناة دبي لم يكن مؤثرا بالقدر الكافي، إلا أن العرض الحصري الثاني الذي تسابقت عليه العديد من القنوات وظفرت به قناة ال mbc جعله أكثر تأثيرا على الطالبات من ناحيتين، الأولى كون القناة تعتبر هي قناة الأسرة العربية لقدمها وانتشارها في جل البيوت، والأمر الآخر الذي جعل للمسلسل تأثيرا بالغا أن القناة اختارت عرض أولى الحلقات مع بداية أول يوم دراسي فكان له وقع بالغ على الكثيرات من حيث المتابعة واختيار التوقيت. كما طالبت معلمات في المرحلة الثانوية بضرورة إلغاء عرض المسلسل، خصوصا أنه يتعرض إلى قضايا لا أخلاقية، تساهم بشكل أو بآخر إلى زرع ثقافة غربية لا تتوافق مع مجتمعاتنا المحافظة. العديد من طالبات المرحلة الثانوية اللاتي التقت بهن «شمس» عارضن فكرة المسلسل، كونه لا يمثل شيئا من حياتهن، ولا ينطبق على الأغلبية بطبيعة الحال، واتفقت كل من روان المشجري، أشواق الحربي، والطالبة تماضر الغامدي أن المسلسل كون لديهن انطباعات سلبية وأثر عليهن نفسيا، مؤكدات أنهن ابتعدن عن مشاهدته. وأشارت الطالبات إلى أن حياتهن في المرحلة الثانوية من أجمل مراحل حياتهن التي يعشنها، فاقتصار المسلسل على العلاقات العاطفية مع الشباب والأحداث السلبية التي تمر على الطالبات داخل أسوار المدرسة أو خارجها يعتبر انتهاكا وتشويها لسمعة طالبات الثانوية، وقد يعطي انطباعا سلبيا لدى الأهالي عن طالبات الثانوية داخل المدرسة. إلى ذلك، أكدت معلمة اللغة الإنجليزية فادية الشريف أن أزمة هذا المسلسل لم تتجاوز مشاهدته فقط، إنما وصلت إلى حد أن مجموعة من الطالبات أسسن «جروب» وأطلقن عليه اسم «بنات الثانوية» ما يعطي إيحاء أنهن حريصات على تطبيق ما يقمن به بطلات المسلسل داخل المدرسة، ويعود ذلك إلى نشر أفكار المسلسل بين طالبات المدرسة. معلمة أخرى أكدت أن أحداث المسلسل واقعية، فيما تنادي عائشة الزهراني، معلمة، بإلغاء عرض المسلسل على الفضائيات، وتقول: فكرة المسلسل مرفوضة جملة وتفصيلا، وأطالب بإغلاقه وعدم عرضه مجددا. من جانب آخر، تقول معلمة التربية الدينية، فطيمة الأسود، إن المسلسل يحكي الواقع، إلا أن مشكلته تكمن في أن أحد إخوانها الجامعيين وحتى الرجال يتابعون المسلسل بهدف التعرف على أجواء بنات الثانوية، وتشير فطيمة أن أغلب العلاقات الخاطئة تكون بين طلاب الجامعة وطالبات الثانوية، وهذا خطر يهدد الشباب. تقبل الخطأ الاختصاصي الاجتماعي الدكتور خالد باحاذق، أكد أن هذا المسلسل أثار النزوة عند طالبات المرحلة الثانوية، كما تخوف أن يساهم المسلسل في تقبل السلوكيات الخاطئة عند المشاهدين، وكشف الدكتور باحاذق أن هذه القنوات الفضائية هي في الأساس مؤسسات تجارية وتسعى للربح بالدرجة الأولى، وأنا أؤكد أن قناة ال «mbc» في أوقات مختلفة أثارت المشاعر عند الشباب والفتيات بتقديم برامج مثيرة، بقصد جذب شريحة الشباب أكثر من الكبار، وهذه المثيرات تثير النزوة. كما أبدى باحاذق تخوفه الشديد من المسلسلات التي تلامس المشاعر، وقال: يقول الحديث «إذا بليتم فاستتروا» ومثل هذه المسلسلات التي تتطرق إلى المشاعر والأحاسيس إنما تساعد الإنسان على تقبل هذه السلوكيات السلبية وتكون في نظره سهلة، ومن الطبيعي القيام بها في أي وقت وتحت أي ظرف. وقال باحاذق: قد يكون غرض هذه القنوات من عرض هذه المسلسلات تجنيب المشاهدين ارتكاب هذه السلوكيات، إلا أن عرضها بهذا الشكل غير المتزن يجعل تقبل السلوكيات الخاطئة أسهل بكثير. تعدد المراحل وشدد الاختصاصي الاجتماعي على أن توقيت عرض المسلسل مع بداية الدراسة هو أمر خاطئ إضافة إلى اختيار شريحة طالبات الثانوية هو أمر خطير للغاية، وقال: شريحة بنات الثانوية هي في سن ما بعد البلوغ وهي المراهقة، فهي تمر بعدة مراحل مهمة، مرحلة التمرد، المثالية، عدم تقبل القيم، الانتماء، ومرحلة التميز، مضيفا أن الفتيات والشباب يمرون بهذه المراحل في مرحلة الثانوية، فتطعيم البرامج بهذه القضايا تساعدهم على زيادة التمرد، فالخوف الشديد على هذه الشريحة إذا أدمنوا هذه النوعية من المسلسلات، لأن البعض منهم قد يقوم بنفس الدور السلبي الذي يقوم به أبطال المسلسل، كما يسمونهم.