بحكم أن كفاءة الشركات والمؤسسات الخاصة والحكومية تقتضي بالضرورة كفاءة موظفيها، وحيث إن إدارة العنصر البشري هي أكثر الوظائف ضرورة وأشدها حاجة إلى الدقة والتخطيط فقد قرر أحدهم دراسة تخصص إدارة الموارد البشرية في إحدى الجامعات المرموقة التي قضى بها أربعة أعوام وهو يردد ويفهم ويحفظ مدى أهمية العنصر البشري وتأثيره على الكفاءة الإنتاجية للشركات، وأن مسؤوليته كموظف أو مدير في قسم الموارد البشرية تقتضي المحافظة على هذا العنصر البشري، ودراسة كيفية إنشاء هيكل وظيفي فعال، وتقييم أداء الموظفين على فترات محددة لمنح برامج تدريب وتطوير لمن هم في حاجة إلى تطوير بعض المجالات، وتحديد الأجور والحوافز لمن يستحقها. وبعد حصوله على شهادته الجامعية عين في إحدى الشركات الخاصة حيث كان الوصف الوظيفي لمنصبه مقتصرا على استقطاب الموظفين والقيام ببعض الأعمال الروتينية والمتعلقة بتعيين موظف جديد كحفظ المعلومات في سجلات الشركة أو إدخالها للنظام، وضبط أوقات الحضور والانصراف، ومتابعة الإجازات والخصومات وغيره.. ولأن الشركات الوطنية وخصوصا المتوسطة منها والصغيرة لم تؤمن بعد بأهمية مواردها البشرية ولم تدرك بعد أن من يعملون بها هم في الحقيقة أكثر أهمية من الطاولات والكراسي وأجهزة الحاسوب فإن من مسؤولياته أيضا أن ينسى كل ما عرفه عن كيفية إبقاء هؤلاء ممن قام بتعيينهم أو الغوص في مشاكلهم ومحو كل ما تعلّمه عن التخطيط والتحفيز! بل ربما لا يكون له دور أيضا في تعيين موظفين جدد لأن غالبيتهم يتجاوزون مرحلة المقابلات الشخصية ليحصلوا على مقاعدهم بطرقهم الخاصة والملتوية! بعيدا عن المفهوم التقليدي لإدارة الموارد البشرية التي تطبقه بعض الشركات الذي يقتصر على العمل الورقي، فإن لهذه الوظيفة في الأصل دورا معنويا أعمق في حاجة إلى تنسيق وانسجام بين صاحبها وباقي أقسام الشركة كي يتمكن من تقديم الدعم المطلوب للموظف بدلا من سياسة التطفيش التي بدت تتبعها بعض الشركات تحت شعار «الباب يفوت جمل»!