تابع الرئيس السوري بشار الأسد الانتفاضات العربية الأخيرة وهي تسقط زعيمي مصر وتونس في غضون بضعة أسابيع ثم تطيح بالزعيم الليبي السابق معمر القذافي؛ لكنه لم يظهر أي بوادر على الرضوخ للاحتجاجات التي تتحدى حكمه الحديدي. ومع مرور ستة أشهر على بدء المظاهرات ضد الأسد، تغرق سورية في عمليات سفك دماء وركود اقتصادي وعزلة دولية. وتهدد أي من هذه الأزمات بقاء الرئيس، الذي خلف والده الراحل حافظ الأسد، قبل 11 عاما. ويتمتع الأسد «46 عاما» بميزة تتمثل في أن الجيش لايزال في معظمه مواليا له ويقود حملة على المحتجين بلا كلل، تقول الأممالمتحدة إنها أسفرت عن مقتل 2.600 شخص. وفي حين أن القمع أدى إلى فرض عقوبات غربية وأثار انتقادات إقليمية، فإن الأسد يعلم أنه لا توجد رغبة تذكر في التدخل العسكري بدولة حلفاؤها الإقليميون أكثر من ليبيا وتركيبتها العرقية والطائفية معقدة وقابلة للاضطراب. «من الواضح أنه ليست هناك حوافز تذكر حتى يتدخل المجتمع الدولي في سورية كما حدث في ليبيا. وفي الوقت الحاضر لم تؤثر الفوضى في أي مكان خارج حدودها». وتفجرت الاحتجاجات في سورية للمرة الأولى في 16 مارس الماضي حين دهمت الشرطة مظاهرة صامتة شارك فيها 150 شخصا أغلبهم من النساء في العاصمة دمشق، وكانت تطالب بالإفراج عن السجناء السياسيين. وبعد ذلك بيومين، قتلت قوات الأمن ثلاثة محتجين في مدينة درعا الجنوبية. وانتشرت المظاهرات بعد ذلك في أنحاء البلاد. وفي إبريل، أرسل الأسد الجيش إلى درعا وكانت هذه أولى الحملات العسكرية المتكررة التي استهدفت سحق المعارضة بالقوة. وفي بعض الأحيان تخرج أكثر من 100 مظاهرة في اليوم الواحد لكن حجمها أقل من الوقت الذي بلغت فيه أوجها في يوليو حين كان يتجمع 100 ألف شخص على الأقل في أيام الجمعة بمدينة حماة. وتحدث نشطاء عن انشقاقات مطردة بالجيش وإن كانت متواضعة. واشتبك البعض مع قوات الأمن وأعلن آخرون انشقاقهم رسميا لكنهم لا يسيطرون على أرض يستطيعون تحدي الجيش منها. ودفع قمع الأسد للاحتجاجات الغرب إلى فرض عقوبات ودعوته إلى التنحي فضلا عن تزايد الانتقادات من دول عربية وإقليمية. وبعد أن فرضت القوى الغربية عقوبات على سورية ودعت الأسد للرحيل، فإنها فقدت أدوات النفوذ القليلة التي تستخدمها مع دمشق. وعليها الآن أن تقنع الصين وروسيا بدعم قرار من الأممالمتحدة ضدها. وفي غياب معارضة قوية وموحدة، فإن أكبر التهديدات المحتملة للأسد ستأتي نتيجة لموجة انشقاقات كبيرة بالجيش وانهيار اقتصادي أو انحياز المدينتين الرئيسيتين دمشق وحلب للمحتجين. ولا تبدو هذه الاحتمالات وشيكة.. والإطاحة به ستحتاج إلى الكثير.