ألقى رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبدالجليل، أمس، أول خطاب جماهيري في حشد من نحو عشرة آلاف شخص في العاصمة طرابلس. وكان عبدالجليل وصل إلى طرابلس، السبت الماضي، للمرة الأولى منذ أن طرد مقاتلو المعارضة الزعيم المخلوع معمر القذافي من المدينة. وناشد رئيس الحكومة المؤقتة مقاتلي الحركة ألا يشنوا هجمات انتقامية ضد بقايا حكومة القذافي. وقال إن أحكام الشريعة الإسلامية يجب أن تكون المصدر الرئيسي للتشريع في ليبيا. وأضاف في خطابه الذي ألقاه بميدان الشهداء الذي كان يعرف أثناء حكم القذافي ب«الساحة الخضراء»: «يجب أن تفتح المحاكم لكل من أساء للشعب الليبي بأي شكل كان، وعند ذلك سيكون القضاء هو الفيصل في كل شيء». وقبل وصوله إلي طرابلس، كان عبدالجليل يرأس الإدارة الانتقالية من مدينة بنغازي بشرق ليبيا مهد الانتفاضة التي أطاحت بالقذافي، أواخر أغسطس الماضي. وكان رئيس المكتب التنفيذي بالمجلس الانتقالي محمود جبريل صرح في وقت سابق، بأنه يجري مشاورات لتشكيل حكومة انتقالية في غضون عشرة أيام، قال إنها ستمثل جميع أقاليم ليبيا، بما في ذلك المناطق التي لا تزال محاصرة. ولا تزال بضع مناطق في جنوب ليبيا وثلاث بلدات رئيسية - بني وليد وسرت وسبها - خاضعة لسيطرة القوات الموالية للقذافي. ومع تناقص إمدادات الطعام في بلدة بني وليد المحاصرة واندلاع معارك في الشوارع بين الثوار وفلول كتائب القذافي، تواصل فرار السكان الذين يملكون على الأقل وقودا كافيا في سيارتهم وقد حملوا السيارات بأكبر عدد ممكن من الركاب والأمتعة، بينما جلس الأطفال في حجور أمهاتهم. وحلقت طائرات حلف شمال الأطلسي في السماء ونفذت غارتين جويتين على المواقع الموالية للقذافي حول البلدة التي أبدت مقاومة أشد مما توقع المجلس الانتقالي. وقال قائد ميداني إن قوات المجلس ستدخل بني وليد بحرص من شارع إلى شارع، وأوضح أن المدنيين يفرون بسبب صواريخ القوات الموالية للقذافي. وأشار بعض السكان وهم يغادرون البلدة إلى أن تدني الإمدادات سيكون عاملا يحسم المواجهة. وتوقعوا أن يحدث هذا خلال أسبوع لأنه «لم يبق شيء في البلدة». من جهة أخرى، تواجد جنود أمريكيون في طرابلس للمرة الأولى منذ الإطاحة بنظام القذافي، بعد أن أرسلت وزارة الدفاع الأمريكية فريقا لمرافقة فريق دبلوماسي أرسلته وزارة الخارجية الأمريكية لتقييم الأضرار في السفارة الأمريكية بالعاصمة الليبية، حسب موقع شبكة «سي إن إن» العربية. جاء ذلك في تصريح لمتحدث مشيرا إلى أن الدبلوماسيين الأمريكيين كانوا غادروا طرابلس في وقت سابق من العام الجاري بعد أن تعرضت السفارة لأضرار بالغة خلال اجتياح عناصر موالية للقذافي للمقر في الأول من مايو الماضي، واستمر الاقتحام 38 ساعة. من جانبه، قال الساعدي القذافي، نجل الزعيم الليبي المخلوع، إنه في النيجر في مهمة إنسانية لتفقد أوضاع الليبيين الذين فروا من القتال إلى هناك، تزامنا مع فرار جماعي من بني وليد. وأكد الساعدي أنه يرغب في التفاوض مع المجلس الانتقالي، وذلك بعدما أكدت مصادر وصوله برفقة ثمانية من المسؤولين إلى البلاد. وجاء على لسان الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند أن المسؤولين في النيجر على وشك، أو ربما قاموا بالفعل بجلب الساعدي إلى العاصمة نيامي، لاحتجازه. وأضافت: «حكومة النيجر، وكما فعلت مسبقا بأعضاء النظام، أوضحت استعدادها للتعاون مع المجلس الليبي بشأن هؤلاء الأشخاص». وعلى صعيد متصل، دعت منظمة العفو الدولية المجلس إلى اتخاذ خطوات لمنع انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا من قبل قواته. وأشارت في أحدث تقرير لها إلى أن معظم حالات الانتهاكات ارتكبتها القوات الموالية للقذافي، لكن المقاتلين المناوئين له تورطوا أيضا في ممارسة التعذيب والقتل. وأضافت المنظمة أن من ضمن هذه الممارسات تعمد شن هجمات على المدنيين والمسؤولية عن اختفاءات قسرية واسعة النطاق واحتجاز المعارضين بشكل تعسفي والتعذيب؛ وأن هذه الممارسات «ترقى إلى جرائم حرب» .