تسمى الهدايا التي يتلقاها الرؤساء وكبار المسؤولين ب«الهدايا البروتوكولية» التي قد تكون أوسمة أو نياشين أو مجوهرات أو ساعات ثمينة أو مقتنيات نادرة وتحفا فنية وغيرها. ولا يعتبر قبولها رشوة أوعيبا، بل واجبا تقتضيه الأعراف الدولية. ولكن هذا القبول لا يضفي على الهدية صفة الملكية الشخصية، بل إنها مهداة إليه بصفته الوظيفية لأنه لو لم يكن رئيسا أو مسؤولا لما وصلته الهدية. وتتعامل بعض الدول مع هذا المبدأ بمنتهى الشفافية. ولكن في دول أخرى اعتبر بعض المسؤولين ما تسلموه في مهماتهم وأسفارهم ومقابلاتهم الرسمية حقا خالصا لهم، وبالتالي عندما رحلوا عن مناصبهم رحلت معهم هدايا وثروات ملك للوطن. وأصبحت تلك الهدايا رافدا مهما من روافد ثرواتهم رغم أنها تعتبر من وسائل الكسب غير المشروع. وسبق أن تلقى الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر هدية بقيمة ثلاثة ملايين دولار من أمريكا، فأنفقها على بناء برج القاهرة. وينص الدستور في بعض الدول على أن تنشر كل هدايا الرئيس في الجريدة الرسمية وتوضع في المتحف الرئاسي. والطريف أنه يتوجب على أي مسؤول بريطاني يحصل على هدية من الداخل أو من الخارج، أن يقدمها إلى خزانة الدولة إذا زاد ثمنها على 165 جنيه إسترليني فأكثر. ويجب أن يفعل أي مسؤول أمريكي الشيء نفسه إذا كان المبلغ يزيد على 150 دولارا.. علما بأن بعض الهدايا الثمينة تصل قيمة الواحدة منها إلى مليون دولار في بعض الأحيان. ويجبر القانون الفرنسي الرئيس على أن يسلم جميع الهدايا التي يحصل عليها بصفته رئيسا إلى قصر الإليزيه.. وذلك حتى لا يشتري أحد ذمة المسؤولين بهدية ما، وتكون بابا من أبواب الفساد. وتكون مخالفة ذلك أمرا خطيرا يستوجب المساءلة كما حدث مع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير الذي واجه لوما حادا في البرلمان بسبب منحه تذكرة طيران مجانية من إحدى الجهات. وفي المقابل، تكون الهدايا الرئاسية في بعض الدول صورة فجة من صور الفساد. وفي كثير من دول العالم، هناك متاحف أنشأتها الدولة يضع فيها المسؤول الهدية التي تلقاها ويزيد ثمنها على الحد المسموح له الاحتفاظ بها. وفي العاصمة العراقية بغداد كان هناك ما يسمى ب«متحف قائد النصر»، وهو مبنى فخم يضم صالات عرض كبيرة تحتوي عددا من الفاترينات الزجاجية التي تعج بالهدايا التي حصل عليها الرئيس الأسبق صدام حسين من سيوف ذهبية وفضية وساعات وعباءات ونظارات وأقلام وكؤوس مدونا بجانب كل منها اسم صاحب الهدية ومتوسط ثمنها والوزن والعيار والموديل حتى لا يتم تقليدها أو استبدالها. وكان ذلك المتحف أول ما قصفته ودمرته الطائرات الأمريكية في بداية غزو العراق عام 2002، حتى لا يكون شاهدا على أي شيء. وتنتقد بعض الجهات ظاهرة الإسراف في هدايا البروتوكلات في بعض المجتمعات العربية التي يدخل فيها الذهب والمجوهرات والسيوف المرصعة بالأحجار الكريمة، عكس بساطة الهدية في دول الغرب التي تكون في الغالب لها دلالة وارتباط بالدولة مثل العلم الخاص بها أو أشهر معالمها. ومن أجمل الهدايا التي تلقاها الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون نسخة من الكلمة التي أدلى بها الرئيس السابق جون كنيدي في 24 يوليو 1963، خلال استقباله بالبيت الأبيض لمجموعة مختارة من طلاب أمريكا الذين كان من بينهم الشاب بيل كلينتون وهو في ال16 من عمره. وقدم الهدية السناتور الراحل إدوارد كنيدي عام 2003. وفي الماضي كان قادة الدول يعتمدون على بعض المنتجات الوطنية الغالية التي تشتهر بها دولهم ويقدمونها هدايا لرؤساء الدول الأخرى مثل السجاد أو المصنوعات الجلدية أو الخزفية أو الكريستال. واشتهرالصينيون بالحرير، بينما تركز بعض دول إفريقيا على استخدام أنواع معينة من البخور والعاج والأبنوس وتقدمها عربونا لتوثيق العلاقات الدبلوماسية. ثم اتخذت الهدايا العديد من الأشكال وبدأت تدخل ضمن الترويج للبضائع والسلع الوطنية أو الآثار التاريخية. وهناك بعض الرؤساء الذين يعمدون إلى تقديم بعض الهدايا إلى دولهم قبل مغادرتهم وذلك حتى يتذكرهم الشعب بكل خير، مثلما فعل الملك جورج الثاني بمنح المنزل رقم 10 في شارع داونج ستريت هدية إلى رئيس الحكومة البريطانية وولبول في القرن ال18، غير أن وولبول رفض قبول المنزل هدية شخصية، وطلب من الملك أن يسمح له باستخدامه مقرا لحكومته في العاصمة لندن .