شهدت الجلسة الرابعة من محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك أمام محكمة جنايات القاهرة داخل إحدى قاعات المحاضرات بأكاديمية الشرطة، أمس، فوضى عارمة أدت إلى تعطيل انطلاقتها. ويحاكم مع مبارك، 83 عاما، بتهم تتصل باستغلال النفوذ والرشوة ابناه علاء وجمال ورجل الأعمال الذي كان مقربا منه حسين سالم، المحبوس في إسبانيا على ذمة قضية غسل أموال هناك. كما يحاكم مع مبارك بالتهم التي تتصل بقتل المتظاهرين وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من مساعديه السابقين. واعترض محامون يدافعون عن أسر قتلى في الانتفاضة على رد مبارك بكلمة «موجود» على النداء عليه من المحكمة في بداية الجلسة. واعتادت المحاكم المصرية سماع كلمة «أفندم» في الرد باعتبارها توقيرا للمحكمة من المتهمين. واعترضوا أيضا على اصطفاف أعداد من ضباط الشرطة أمام قفص الاتهام بصورة قالوا إنها حجبت مبارك والمتهمين الآخرين في القضية. كما طردوا محامين كويتيين جاؤوا للدفاع عن مبارك إلى خارج القاعة، لكن المحامين الكويتيين وقفوا في آخرها. وبكى أكثر من محام وهو يتحدث إلى المحكمة، وصرخ محام وهو يلتفت إلى مبارك في القفص قائلا: «أنت أسوأ رئيس في مصر». وكرر المحامي العبارة بضع مرات. وانسحب من الجلسة المحامي سامح عاشور نقيب المحامين السابق الذي يترافع عن أسر قتلى ومصابين وذلك احتجاجا على أسلوب زملائه. وخلال قيام المحكمة بإثبات حضور المتهمين داخل قفص الاتهام قام عدد من المحامين المدعين بالحقوق المدنية بإبداء اعتراضهم على كيفية إدارة المستشار أحمد رفعت رئيس المحكمة للجلسة مطالبين بأن تتاح لهم الفرصة كاملة في إثبات ما يعلن لهم من طلبات في محضر جلسة القضية، معتبرين أن مقاطعة المحكمة لهم بالجلسة الماضية أثناء مناقشة الشهود بمثابة تعد على حقوقهم المقررة قانونا. واستمعت المحكمة إلى ثلاثة شهود قدمتهم النيابة العامة لإثبات التهم. وخلافا للجلستين الأوليين، لم يعد التليفزيون الرسمي يبث وقائع المحاكمة مباشرة بعد أن قرر رئيس المحكمة منع أي تصوير. ولم تقع أي اشتباكات أمام باب الأكاديمية في ضاحية القاهرةالجديدة شرقي العاصمة المصرية حيث تنعقد المحكمة، خلافا للجلسات السابقة وخصوصا الثالثة التي شهدت صدامات واسعة بين أسر الشهداء من جهة وأنصار مبارك والشرطة من جهة أخرى. ولفت ممثل النيابة العامة في الجلسة انتباه أحد الشهود وهو ضابط بقوات الأمن المركزي إلى أن أقواله أمام المحكمة تناقضت مع أقواله في تحقيقات النيابة حول القضية، مارس الماضي، بشأن نوعية تسليح قوات الأمن المركزي، طالبا منه الثبات على إحدى الشهادتين قائلا: «لأن ذلك يترتب عليه إجراء قانوني من جانبنا». واختار محمد عبدالحكيم محمد، وهو برتبة نقيب، الثبات على أقواله أمام المحكمة قائلا إنه تحدث إلى النيابة حديثا عاما؛ فوجه إليه ممثل النيابة مصطفى سليمان تهمة الإدلاء ب«شهاد زور لصالح المتهمين»، طالبا من المحكمة أن تصدر قرارا باتهامه. وأمرت المحكمة بالتحفظ على الشاهد بعد أن وجهت إليه التهمة. وفي الجلسة الأخيرة، قال مدير إدارة الاتصالات بالأمن المركزي اللواء شرطة حسين سعيد مرسي، الذي كان أول من أدلى بشهادته، إنه لا علم له بصدور أوامر من أحد بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في أي وقت طيلة خدمته التي استمرت 30 عاما. وأثارت الشهادة استياء واسعا بين المحامين وأسر القتلى والمصابين وفي أوساط الرأي العام. ولم يستبعد محامون أن توجه المحكمة تهمة الشهادة الزور إلى هذا الشاهد وغيره من الشهود الذين تتناقض أقوالهم أمام المحكمة مع أقوالهم في تحقيقات النيابة. ومنذ بداية المحاكمة، اعتاد مئات المصريين التجمع خارج أكاديمية الشرطة على مشارف القاهرة مطالبين بإعدام مبارك عقابا له على مقتل نحو 850 متظاهرا وإصابة أكثر من ستة آلاف خلال الأحداث. وقتل المتظاهرون وأصيبوا غالبا بالذخيرة الحية وطلقات الخرطوش وقنابل الغاز المسيل للدموع. واستخدمت الشرطة في محاولة سحق المظاهرات مدافع المياه والعصي الكهربية والهراوات .