صديقتي نجود تقول لي دائما: عندما يأتي يوم القيامة لن يطيقني انتظاري سوى أن أرى من الناس من وقف بين يدي الله تعالى ليحاسبه ويقتص منه حقي الذي أخذه مني في الحياة الدنيا، وأنا لا أطيق انتظار اليوم الذي أعرف فيه معنى مفاتيح السور القرآنية ال114 التي أحفظها وأدرس تجويدها ومدودها أما علمها فعنده جل وعلا باللوح المحفوظ، ووجه الربط بيني وبين صديقتي نجود باختلاف أهمية ومنطقية أمانينا هو طول أمد تحققها، وإيماننا القاطع بأن حصول إحداها سيأتي بعد جملة أعوام ضوئية علمها غيبي. تعظيم أمد الأمنية من شأنه إضافة اليسر والسهولة على ما دونها من أمانٍ، فكم هو جميل ذلك الحلم الذي يرتقي لأمنية، تبدو الحياة بذلك الشعور ذات هدف يعمل لأجله، تذهب يا صاحبي لعملك وتعود لقضاء أعمال أخرى، تبتعث للجزء الثاني من الأرض وتعود، تتبدل حالتك الاجتماعية من عزب إلى متزوج على سبيل المثال وتأتي عليك مواسم كثر، وفي لحظة تشعر ب روتين يجتاح عمرك بوحشة، بل قد يعمل ذلك الروتين بتنشيط الذاكرة سلبا فتقوم بربط أعياد العام الماضي بأعياد السنة التي تسبقها، وتأسى على حالك وعلى مجمل التغييرات القليلة التي حصلت بالعمر لهفة بفطرة التغير وعدم السكون. تجد يا قارئي في شوارع مدينتك عددا من الشعارات التجارية التي تشبه بعضها بعضا، شقق مفروشة بشعار معين وأخرى تقلدها باسم مختلف ولكن بنفس اللوحة والإضاءة حتى تكاد تهضم ذلك على أمل أن تكون تلك التبعية بكفاءة عمل وإحسان أداء عالٍ، ولا بأس إن لم تتفرد بأمنياتك، لا بأس إن شابهت إحداها لكن حتما ستعمل ليفوق تحققها جودة الأخرى. وعندما تدخل إحدى الأماني العِظام وصفة عمل البشر الدؤوب، يصبح لطعم العمر نكهة مميزة تجعلك في عمل وقياس، تجعلك أكثر وعيا بأن تدون «حصل في تلك السنة وجرى في ذلك اليوم»، تشتري كاميرا احترافية لتصور مناسباتك بل دون المناسبات، كل ذلك لأجل حفظ لحظة الزمن تلك وحلاوة سويعاتها.