اعتبر الداعية الشيخ الدكتور غازي بن عبدالعزيز الشمري أن التضييق في المجتمع فيما يتعلق بالتوعية الجنسية ربما تقود إلى المزالق في التوجه إلى المجلات والكتب المشبوهة، رغم أن الإسلام حث على العلم والتعلم، وخص بكافة التفاصيل. وانتقد الدكتور المختص في التعامل مع الخلافات الأسرية، اعتبارها مشكلة وتنتهي، دون استثمار، مؤكدا على أن الإنسان قادر على استثمار هذه الخلافات لما يفيد، حاثا أولياء الأمور على تزويج أبنائهم في سن مبكرة. وأشار إلى بداياته في الإعلام المرئي، حيث لديه برنامج أسبوعي، كما يشغل حاليا عضوية المنظمة العالمية لنصرة النبي، صلى الله عليه وسلم، والمأذون الشرعي في وزارة، رئيس التكافل الأسري في إمارة المنطقة الشرقية وإمام وخطيب جامع، وفيما يلي تفاصيل الحوار. كيف ترى اهتمام الآباء للأبناء في الوقت الراهن؟ قال بعض أهل العلم «إن لم يزوج الوالد الولد بعد البلوغ وأحدث حدثا فالإثم بينهما»، بغض النظر عن صحة هذا الكلام، لكن المعنى قوي ورائع جدا؛ لأن من المسلم أن الولد أمانة الله عند والده أودعه إياه طاهرا على فطرة الإسلام، فينبغي أن يؤديه إلى الله طاهرا مطهرا، ويبذل الجهد في تربية وصيانة عرضه؛ لأننا اليوم في زمن تلاطمت فيه أمواج الفتن من كل مكان، وسائل الإعلام تارة، والشارع تارة أخرى، ولا ننسى البيئة التي يقضي فيها الولد جل وقته وهي المدرسة، فهنا تأتي قضية المسؤولية المحاطة بأعناقنا، قال تعالى «يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة»، يقول أهل التفسير أي علموهم وربوهم وأدبوهم بما يكون لهم وقاية من عذاب الله، ويقول، صلى الله عليه وسلم، «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته». الثقافة الجنسية هل تؤيد تدريس مواد تهتم بالثقافة الجنسية في مدارسنا؟ لقد أقام المجتمع سياجا شائكا حول الجنس، وكأنه أشبه ما يكون بطاعون يجب الحذر منه، فلم يعد بالإمكان الحصول على معلومات ظاهرة مؤتمنة إلا بشق الأنفس، مع أن الجنس غريزة من أعتى الغرائز التي تموج في النفس الإنسانية، من أراد أن يحصل على معلومات أو خبرات في عالم الجنس فليس أمامه إلا المجلات والكتب المشبوهة، وتحتاج إلى الكثير من الوعي والمعلومات للتعامل الصحيح معها والاستفادة منها وإشباعها وتحويل الطاقة الكامنة فيها إلى طاقة إيجابية تدفع المجتمع للأمام، وليس إلى الخلف، ولكن ياللأسف حيث الدعارة والزنا واللواط، ويكون السير فيه كالسير في حقل ألغام دون خريطة، فلا تدري أي لغم سينفجر فيك؟ ومتى ينفجر؟ ومدى الأضرار التي سيلحقها بك؟، أما إن أردت أن تبحث عن الجنس كمادة علمية مثلها مثل أي مادة أخرى، فلن تجد إلا النزر اليسير، كما تجد مشقة في العثور على بغيتك، وحتى القليل الذي يوجد فمن الكتب المترجمة التي تطرح الأمر من باب تعدد العشيقات والخليلات والصديقات، أو الاستمتاع بالنساء خارج إطار الزواج أو كيفية التحرز من انتقال الأمراض الجنسية إليك عندما تمارس الجنس مع العاهرات، وما شابه ذلك، وما وجد من مؤلفات لها عناوين براقة اكتشفت فيما بعد أن بها أخطاء فاحشة تزيد الأمر سوءا، والإسلام لم يهمل هذا الجانب من جوانب الحياة، الذي قد يحسبه بعض الناس أبعد ما يكون عن الدين واهتماماته، بل قد يتوهم بعض الناس أنه ينظر إلى الجنس وما يتصل به على أنه رجس من عمل الشيطان، وأن نظرة الإسلام إلى الجنس كنظرة الرهبانية إليه، والواقع أن الإسلام قد عني بهذا الجانب الفطري من حياة الإنسان، ووضع فيه من القواعد والأحكام والتوجيهات ما يضمن أداءه لوظيفته، في غير غلو ولا كبت ولا انحراف، وقد حفلت كتب التفسير والحديث والفقه وغيرها بالكثير مما يتصل بهذا الجانب، ولم ير علماء المسلمين أي بأس في الحديث عن هذا الموضوع ما دام في إطار العلم والتعليم، وقد شاع بين المسلمين كافة هذا القول «لا حياء في الدين»، أي في تعلمه وتعليمه، أيا كان موضوعه، والإسلام قد جاء لكل الأجناس، ولكل الطبقات، ولكل البيئات، ولكل العصور ولكل الأحوال، فلا ينبغي أن تتحكم في فقهه وفتاويه وتوجيه أحكامه أذواق أو تقاليد أقوام معينين، في بيئة معينة، فنحجر بذلك ما وسع الله، ونعسر ما يسر الدين، نمنع الناس مما لم يمنعهم الشرع منه، بنصوصه الثوابت المحكمات وتأملوا ما جاء في السنة أن أحدهم قد وقع على امرأته وهو صائم، والآخر يغتسل مع زوجته بإناء واحد، والآخر يقبل وهو صائم، فنريد أن نفرق بين سرية ما يحدث في غرفة النوم وبين المعلومة العامة واللبيب بالإشارة يفهم..! الخلاف الأسري بنظرتكم وبحكم تخصصكم يرى البعض إمكانية استثمار الإنسان الخلاف الأسري، ما تعليقكم؟ نعم يمكن استثمار الخلاف الأسري، ولكي يكون الخلاف بين الزوجين مفيدا وجادا ينبغي ألا يصبح مجرد فرصة للتفريج عن النفس وإفراز نواتج الضغط والتوتر لدى كل طرف على حساب الآخر، أو أن يصبح التنازع هدفا لتحطيم معنويات الآخر وإهانته، أو وسيلة لإظهار سلطة أحدهما على الآخر، فمثل هذه الخلافات تؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها، أما الخلافات الجادة والنافعة فهي التي تتيح للطرفين فرصة للاتصال الفعال، والحوار الجاد، وتشكل مجالا لإظهار الانفعالات الذاتية دون إلقاء اللوم على الآخر، ودون محاولة إلصاق أسبابها به، وعلى كل أتمنى من ركني الأسرة اتباع ما يلي: أولا لا تتجاوز مشكلاتنا الحدود، وهذا خطأ فادح يقع فيه الزوجان، فينتقلون من قضية الخلاف الأصلية إلى خلافات ثانوية أو وهمية مصنعة، فأحيانا قد يبدأ الخلاف حول أمور منزلية كالنظافة والترتيب، ثم ينتهي إلي خلاف حول مصاريف الأسرة والزيارات وغير ذلك، ولا تقل إلا خيرا، فمن الضروري أيضا ضبط النفس ومراقبة اللسان، والتذكر بأن التراجع عن زلات اللسان وإهانة الآخرين بالكلام الجارح أمر لا ينسى ويبقى عالقا في الذهن، بحيث يصبح من الصعب إزالة آثاره، وقاوم حظوظ النفس واعتذر عن النفس واعتذر إن أخطأت، وليكن هدفك أثناء الخلاف، بيان الحق وإيضاحه، اسأل نفسك دائما ماذا تريد من وراء رفع الصوت والنقاش؟ وماذا تخفي وراء عدوانيتك وانفعالاتك؟، وإياكما أن يخرج الخلاف من بينكما، ولا تختصما أمام الأطفال، ولا ترفع صوتك أمام الأطفال الصغار، ولا تجعل الحقوق ماثلة دائما أمام العين والصبر على الطبائع المتأصلة في المرأة، والرضا بما قسم الله تعالى، ولا تبادر في حل الخلاف وقت الغضب، وأظن أننا إذا فعلنا ذلك، طبعا بعد توكلنا على الله، سنحقق استثمارا لا نظير له فلينتبه لذلك. من الشخصية العلمية التي أثرت في الشيخ غازي الشمري؟ الحقيقة من الشخصيات التي تأثرت بها شخصية فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين «رحمه الله»، وذلك من خلال حضوري لبعض دروسه، حيث سعة الإدراك وجمال الإقناع، وسهولة العبارة، مع روعة توصيل المعلومة، وهذا واحترام رأي الآخر، وأيضا من الدعاة الذين أثروا في، فضيلة الشيخ عبدالرحمن السديس إمام الحرم، بتواضعه الجم، والشيخ الدكتور محمد العريفي لهمته العالية، والأمير الداعية نايف بن ممدوح آل سعود، بحرصه وحبه للخير، وغيرهم من أحبتنا وإخواننا. ما سر بروزك الإعلامي السريع؟ أولا أسأل الله أن يجعل ما نعلمه خالصا لوجهه الكريم، أعتقد البروز السريع كان توفيقا من الله، وأنا أكره الإنسان الذي يذهب إلى الإعلام ويقول افعلوا لي اعرضوني، وليعرف الناس أنني لم أذهب وأعرض نفسي على القنوات؛ لأن هذه الطريقة ساذجة بنظري، ولا أحبها لكن إذا دعيتم فأجيبوا، والبداية عندما كنت أدرس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والكل يعرف أن الجامعة يدرس فيها طلاب من أغلب جنسيات العالم، وبعد التخرج كان لي زميل يدرس معنا من مملكة البحرين، واتصل علي بعد التخرج بسنة أو سنتين، يعاتب على عدم الزيارة والوصل، وطلب مني زيارته للبحرين، ثم إلقاء محاضرة إيمانية، فوافقته، وسبحان الله صفة أهل البحرين التواضع فإذا برئيس التليفزيون هناك وكذلك بعض المسؤولين بالدولة فضلا على أن أغلب المحاضرات لا بد أن تسجل تليفزيونيا، وبعد المحاضرة وأثناء العشاء طلب مني رئيس التليفزيون برنامجا أسبوعيا لعدة حلقات إيمانية مختلفة في تليفزيون البحرين، والحقيقة فوجئت بالطلب، وخفت في أول الأمر، ولكن قلت له، سأستخير وأستشير، ثم أخذت جواله، وفعلا أشار علي بعض الفضلاء والمشايخ والدعاة، بالخروج.. وفعلا بدأت الانطلاقة من البحرين فسجلت لهم أكثر من أربعين حلقة بفضل الله، ثم بعد ذلك سوف تعرف أنك إعلامي ,لا سيما أنك تنقل في التليفزيون الدولة الرسمي، وبعد ذلك صرت أتلقى الدعوات من هنا وهناك، وبفضل الله خلال الخمسة أعوام لم أتكلم بكلمة عاتبني عليها العلماء وخالفت رأي علمائنا، وكان أغلب طرحي أسريا واجتماعيا وهذا ما ينقص الساحة، فضلا عن قلة طرح الدعاة له، فهذا كان سببا آخر أسأل ربي التوفيق والسداد. مجرد صدفة كيف تقيمون مشاركتكم في القنوات الفضائية وما ردود الفعل التي لمستموها من المشاهدين؟ بالنسبة إلى مشاركتي في هذه القنوات، لا أجد مانعا بالمشاركة في أي قناة كانت، ما دام أن القصد هو الدعوة إلى الله ونفع الآخرين بشرطين اثنين هما أنهم لا يملون عليك ما تقول، بل لك الاختيار فيما تطرح، عدم وجود أي عنصر معي في المقابلة، وبفضل الله وجدت شخصيا ثمرة مشاركتي بمثل هذه القنوات؛ لأنه ليس كل الناس يرون القنوات الدينية؛ ولذلك نريد أن نعرف الناس في ديارهم، وبفضل الله رأينا الثمرات، ولو قال أحد ربما أنت تدعو أهل الخير لرؤية مثل هذه القنوات ومتابعة المشايخ فيها، فأقول أنا أحسن الظن بالإخوة، بأن يترفعوا عن مشاهدة مثل هذه القنوات غير الدينية، ولذلك نسأل الله أن يبارك في الجهود، ونحن عندما نظهر بمثل هذه القنوات غير الدينية، نقصد ونعني فئة معينة، وصدقني تأتي اتصالات بعد الحلقة من المغرب وليبيا وحتى أوروبا يسألون ويشكرون، بالله عليك أي فرحة بعد ذلك، نسأل الله الإخلاص والقبول. ما مشاريعك الجديدة؟ طبعا بحمد الله لي تسعة أشرطة الآن في الأسواق، وكتاب مطبوع بعنوان «المشاعر النبوية في الحياة الزوجية»، وكتاب آخر تحت الطبع بعنوان «قصة موسى» في السنة النبوية، بالإضافة إلى أربعة كتيبات صغيرة أخرى تحت الطبع، والحقيقة من المشاريع التي أسعى لها وأنادي بها بكل قوة وفي كل مناسبة ومجمع جمعية تعنى بشؤون المرأة، على غرار جمعية الأطباء والمهندسين وغيره؛ هذه الجمعية تقوم عليها مجموعة من الأكفاء من الأخوات، يناقشن قضاياهن وحدهن، ومن خلال هذه الجمعية تطالب المرأة بجميع حقوقها وكذلك الأرملة، وذوي الاحتياجات الخاصة، والعانس والمطلقة تحت مظلة شرعية وقانونية مرتبطة بالجهات المعنية، بحيث لا يزايد على قضايا المرأة لا أنا ولا غيري، فهذا حلم نتمنى أن يتحقق وبإذن الله سيتحقق، وبإذن الله عندي ارتباط مع بعض القنوات الفضائية لبرامج أسرية وتربوية قادمة إن شاء الله، لكن سنجعلها مفاجأة للجمهور. بطاقة شكر مفعمة بالورد لمن تهديها؟ الأولى لوالدي، والثانية لزوجتي ولأولادي الثلاثة، والثالثة لصحيفة الأخبار، والرابعة لمن أحب غازي الشمري. نصيحة من قلبك تهديها لقرائنا فما هي؟ وجدت أفضل شيء يفزع إليه من ابتلي بشدة أو بلاء أو مرض أو هم أو غم أو أي صارف من صروف الدهر المؤلمة «قراءة القرآن»، فإن فيه راحة وطمأنينة، وسكينة للنفس الإنسانية، أمن وإيمان وخضوع وخشوع للواحد الديان، وصدق الرحمن حين قال «ألا بذكر الله تطمئن القلوب»، بذكر الله ترتاح القلوب ودنيانا بذكراه تطيب .