تغنت الملاعب كثيرا خلال حقبة الثمانينيات الميلادية، مع ظهور فتى جنوبي مع نجوم النصر يدعى فهد الهريفي، حتى صار لاحقا قائدا لجوقة طرب كروية برتبة «موسيقار». وظل الهريفي لأعوام يداني الشهرة، حتى أوقفته مشكلات مع ناديه، وأفل نجمه تدريجيا، إلى أن أسعفته «تجارة» الاستوديوهات التحليلية، ليسطع نجمه فيها من جديد. لكنه عبر الاستديو، تشجع لإعادة اسمه الغائب وسط أجيال ظهرت ثم اختفت وطمست، بصيغة الباحث عن كرسي بديل، لم يجده في قيادة فنية أو إدارية. وجد كرسي التحليل، الذي بات لمن مثله، يكرس مفهوم «حرقة داخلية» على التهميش، أو لوعة على «التطنيش». بين حالة فهد الهريفي والداعية محمد العريفي، هاء منسحب وعين منجذب، فالأول يحكي قصة موهبة خرجت وتلاشت وظهرت بثوب مختلف، رغم أنها ضلت طريقها إدارة أو تدريبا، أو حتى عونا على «لوبي محترف» من المحللين، باتوا بين حالتين إما التصفيق للنادي أو التشدق عليه. أما الداعية المعروف، فإنه يظل أسيرا لانجذابه للكاريزما الخاصة التي يمتلكها، والتي جعلته يضع بصمة مع بصمات دعوية أخرى، حتى إن كانت في إطار برامج فضائية مستنسخة، تظهر بثوب السويدان أو الشقيري، أو حتى النجار والنابلسي حين تنوع الفضائيات، ويجبر المنجذبين نحو الظهور، أو الوقوف أعالي السطور؛ من أجل «فهم أي شيء، وتحويل البرامج إلى حصص مدرسية في الأخلاق»، مع انتقائية الأسئلة، إذن لا مانع من إفتاء عابر، حتى إن كانت القناة المستضيفة تعرض ما «هب ودب»، حيث لا ضير من تنقية شوائبها ب «جرعة دين». حرف واحد يفصل بين الهريفي المنسحب والعريفي المنجذب، ولكل منهما ضالته ودوافعه، و«ميكانيزم» تصنع علما أو موهبة، باتجاه شد أو جذب.