توقع محللون اقتصاديون ان تنوع المملكة من احتياطياتها إثر تداعيات أزمة الديون الأمريكية وخفض التصنيف الائتماني لأكبر اقتصاد في العالم. واكد المحللون أنه المتوقع ان يكون هناك توجه خلال عامين إلى الاستثمار في سندات أخرى كسندات الحكومة الألمانية واليابانية. وفي ظل استثمار سعودي قوي في سندات الخزانة الأمريكية أشار المحللون إلى امكانية ارتفاع معدل التضخم وتراجع أسعار النفط. وبعد خلاف مرير لعدة أشهر وافق المشرعون الجمهوريون والديمقراطيون الأسبوع الماضي على اتفاق يدعمه البيت الأبيض لرفع سقف الدين الأمريكي وتفادي التخلف عن السداد يقضي بخفض العجز 2.4 تريليون دولار على مدى عشر سنوات. لكن أعقب ذلك فقدان الولاياتالمتحدة تصنيفها الائتماني الممتاز AAA من قبل مؤسسة التصنيف الائتماني ستاندرد اند بورز يوم الجمعة في تعديل غير مسبوق لوضع أكبر اقتصاد في العالم. وخفضت المؤسسة التصنيف الائتماني للولايات المتحدة على المدى الطويل درجة واحدة الى AA+ بسبب مخاوف بشأن العجز في الميزانية الحكومية وارتفاع أعباء الديون. وتصنف الآن سندات الخزانة الامريكية التي كان ينظر اليها في الماضي على أنها الأكثر أمانا في العالم عند مستوى أقل من السندات التي تصدرها دول مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا وكندا. وقال عبدالحميد العمري الكاتب الاقتصادي وعضو جمعية الاقتصاد السعودية لرويترز بالهاتف: «ليس هناك شك في أن تأثير الأزمة لن يقل عن التأثير الذي حدث في الصين. وأوضح أن حجم الاستثمارات السعودية في السندات الأمريكية يصل إلى 1.8 تريليون ريال. وأوضح أن ذلك يشمل استثمارات الحكومة والمؤسسات شبه الحكومية والقطاع المصرفي وأن ذلك الرقم قد يرتفع كثيرا في حالة حساب استثمارات الأفراد والشركات في السندات الأمريكية. وقال محمد العمران الكاتب الاقتصادي وعضو جمعية الاقتصاد السعودية وهي مركز دراسات «العالم مقبل على مرحلة جديدة وغير واضحة المعالم ... سندات الحكومة الامريكية لم تعد ملاذا آمنًا.» وتوقع أن تبدأ السعودية في تنويع مكونات احتياطياتها - التي تشكل السندات الامريكية ما بين 70 إلى 90 بالمئة منها بحسب المعلومات المتداولة - وأن تتجه خلال عامين إلى الاستثمار في سندات أخرى كسندات الحكومة الألمانية واليابانية. ويؤيده العمري في أن السندات الأمريكية لم تعد ملاذا آمنا وقال «خلال الأعوام الأربعة الماضية - بالنسبة لمؤسسة النقد العربي السعودي - كان الارتباط (بالاقتصاد الأمريكي) ينظر إليه على أنه أفضل الخيارات وأقلها مخاطر وأنه سيؤدي لاستقرار الاقتصاد لكنه لم يعد كذلك.» وأضاف «المفترض من السلطات النقدية أن تقوم بعمل شيء - لكن يجب ألا يبقى الوضع على ما هو عليه.» و قالت ريم أسعد أستاذة الاقتصاد في جدة «السعودية من أكبر عشر دول في العالم التي تستثمر في السندات الامريكية، قرار ربط الاقتصاد السعودي بالاقتصاد الامريكي هو قرار سياسي بالدرجة الأولى.» وأضافت «كما أنه من الصعب جدًا الحصول على بدائل كالتي يوفرها الاقتصاد الأمريكي سواء من حيث تطور بنية أسواق المال ... أو سهولة دخول وخروج الأموال.» وتوقع وديع كابلي أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز والخبير السابق لدى صندوق النقد الدولي أن يتسبب خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة في تراجع سعر الدولار أمام العملات الأخرى وهو ما سيؤثر بدوره على سعر الريال مما سيتسبب في ارتفاع معدل التضخم. وبلغ معدل التضخم السنوي في السعودية - الذي تحركه تكاليف السكن والغذاء في المقام الأول - 4.7 بالمئة في يونيو. وقال العمري «سنشهد موجة تضخم وستنتقل عدواها إلى الريال السعودي. إذا أخذت الأزمة الأمريكية منحى أكثر سرعة ممكن أن نشهد ما يعرف بالتضخم الركودي.» وتابع «هذا النوع من التضخم هو ألد أعداء البنوك المركزية إذ يكون هناك ارتفاع في الأسعار في وقت يشهد كسادا وبالتالي لا تستطيع تلك البنوك رفع أسعار الفائدة وتتلقى صدمات التضخم دون أن تستطيع أن تفعل شيئا.» وقال كابلي «من المتوقع أن ينخفض النمو في أمريكا وأوروبا مما يقلل الطلب على النفط و يخفض أسعاره إلى 70 دولارا وهو ما سيؤثر على الميزانية .» وانخفضت عقود الخام الأمريكي إلى أدنى مستوى لها في عشرة أشهر قرب 78 دولارا في التعاملات الالكترونية لبورصة نايمكس امس مواصلة هبوط امس الاول الذي هوت فيه نحو ستة دولارات في ظل تنامي المخاوف من تباطؤ النشاط الاقتصادي والطلب على الطاقة في الولاياتالمتحدة. وقال العمري «أسعار النفط تهاوت دون 80 دولارا لكنها تجاوزت 100 دولار في بداية العام مما يعطي انطباعا إيجابيا بأنه لن يظهر لدينا عجز هذا العام.» وأضاف أن التوقعات بأن يسجل الاقتصاد الامريكي معدل نمو سنوي يقارب الصفر قد تؤدي إلى أن تشهد الولاياتالمتحدة موجة كساد مما سيلقي بظلاله على أسعار النفط ويهوي بها إلى نحو 50-60 دولارًا للبرميل. وتعتزم المملكة إنفاق ما يقدر بنحو 130 مليار دولار أو ما يعادل نحو 30 بالمئة من الناتج الاقتصادي السنوي على بناء مساكن جديدة وتوفير وظائف وإعانات بطالة وإجراءات أخرى. وقال مسؤولون سعوديون إنهم يرتاحون لسعر بين 70 و80 دولارًا للبرميل.