قلما تتحدث مع أحد ممن عاشوا طفولة الجيل القديم، وعايشوا أجواء المدارس حينها دون أن يحدثك عن فضل معلميه الذين كان أغلبهم من جنسيات عربية مختلفة، ومن دول اشتهرت شعوبها بمعدل عال في كم المعلومات المحتفظ بها كنتاج للدراسة الجدية. يمكن القول بأن ذلك الزمان قد انتهى، ولعل مدارسنا الحكومية الآن تخلو من المدرسين أو المدرسات الأجانب، وهذه النقطة لجوانب عدة تحسب لصالح الطلبة، وكما أننا استطعنا «سعودة» الألسنة الملقنة في مدارسنا، فليست تلك بالخطوة العسيرة على جامعاتنا. ومتى ما كان أولئك «الملقنون» في كليات جامعاتنا الذين يشكلون اتحادا عربيا مختلطا من بلدان عالمنا العربي موضع ثقة وقدوة للطلبة – مع استحقاق أغلبهم لذلك – كانوا أكثر قدرة على التأثير فيهم، وعلى تسريب ثقافاتهم وأفكارهم التي قد لا يصلح الكثير منها للتطبيق هنا. وبالطبع، فأي تأثير في الثقافة أو التوجهات الاجتماعية والسلوكية لا يقارن بخطورة التأثير في الجانب الديني، ورغم أن بعض جامعاتنا – بحكم الموقع – تسلم ولله الحمد من ذلك، إلا أنها لا تقارن من حيث الكم بالبقية. بتاتا.. لا مانع من الانفتاح على الثقافات على اختلافها وتعدد مصادرها، لكن لذلك الاختلاف وقع وأثر أعمق متى ما جاء في صورة التدريس، وإذا كان له ذلك الأثر في شبابنا في الجامعات، فكيف بطلبة المراحل الأولى في كثير من مدارسنا الأهلية؟ قبل أن نسعود الأيدي العاملة من المهم أن نسعود الأفكار والمعتقدات التي تغزو عقول شبابنا، كي لا نلقي باللوم عليهم متى ما تصادمت أفكارنا، فأربع سنوات من التلقين المشبع بالفكر الآخر منهجا وأمثلة وشرحا، كافية للخروج بمحصلة تحتاج هي الأخرى إلى سعودة. ولنا أن نتساءل عن مصير الألوف الوطنية المنتجة من جامعاتنا، والتي لا تزال تبحث عن موطئ «عمل»..! إجازة سعيدة لكل طالب، ولنسمها «عاما» رفعا للمعنويات، ف«عاما إجازيا سعيدا»..!