بعد إعلان التعاقد رسميا مع المدرب الهولندي ريكارد للإشراف على المنتخب السعودي الأول لكرة القدم وبعد رحلة بحث استمرت لستة أشهر تخللتها بعض العقبات نظرا إلى سمعتنا الشهيرة في سرعة إلغاء عقود المدربين وتحميلهم كل الأخطاء والفشل، انبرى مجموعة من النقاد ضد هذا التعاقد، وطرحوا أسئلة مشبوهة حول بقاء المدرب عاطلا لمدة تصل لثمانية أشهر، والبعض لا يزال يربط نجاح المنتخب وعودته لسابق عهده بالرجوع للمدرسة البرازيلية التي تعد الأنسب لقدرات اللاعب السعودي وتجيد توظيف اللاعب الموهوب، وهذا تجاهل تام وتقوقع فكري وجحود للكرة الحديثة «الشاملة» التي قادتها هولندا ونجح من خلالها برشلونة وإسبانيا. كل تلك الأسئلة تعطي دليلا على النظرة السوداوية والقاصرة التي يتمتع بها غالب النقاد الرياضيين، فما زلنا وحتى الآن نجهل معايير المقارنة والتقييم ونبني رؤيتنا على عناصر ثانوية ونغيب عناصر أساسية ونحولها لمجاهيل بسبب محدودية التفكير، فالغالبية تجاهلوا السجل المشرق في مسيرته التدريبية ونجاحاته مع برشلونة، والبعض يتساءل باستنكار عن إمكانية تكرار منجزاته مع المنتخب السعودي ويردد في الوقت نفسه قدرته على تفعيل التكتيك الهولندي وقيادة المنتخب من خلاله؟! ربما البعض يظن بما أن ريكارد هولندي، فهو سيقود المنتخب بهذا التكتيك، فهذا الخيار محتمل ولكن ليس قطعيا، فأي مدرب ناجح سيقود أي فريق وفق المقومات التي أمامه وليس وفق رؤيته فقط، وعمل ريكارد ستحيط به العديد من العوائق، لعل أبرزها كثرة المسابقات المحلية وسوء جدولتها، والتي تعد الصداع السنوي الذي يواجه الكرة السعودية، إضافة إليها النقد الحاد والذي يقتصر فقط على نظرية النجاح ويتجاهل احتمالية الفشل ويحمل الجهاز الفني كل الإخفاقات ويتجاهل العوامل التي ساهمت بوقوعها، وسيجد إعلام أندية في غالبه، يسعى لمصلحة ناديه على حساب المنتخب. كل تلك العوائق تجعلني أشفق على ريكارد الذي أفرز التوقيع معه عن حملة نقدية غير صحية، ولكن الأمل في خبرة الأمير نواف والذي وعد ريكارد بعدم التدخل وإعطائه كل الصلاحيات مع الدعم المطلق، وهذا الوعد لم يأتِ من فراغ أبدا.