يخيل لي في بعض الأحيان أن شوارعنا كانت مناجم للألماس أو آبارا للنفط، انظر فقط في أقرب الشوارع لك، لا شيء أكثر من «الحفر» التي تملأ المكان بكل الأشكال وكافة المقاسات! تفحص جيدا تلك «الحفر»، ستكتشف أن بعضها صغير و«لئيم» بالقدر الذي يستطيع تحريك كل «مسامير» سيارتك بعد مرورك من فوق إحداها! وستتعرف هناك أيضا على النوع «المتوسط» منها الذي سيتكفل بإرسال سيارتك التي كانت جميلة قبل وقوعك فيها إلى أقرب ورشة وعلى النقالة! أما إن كان حظك «كدقيق فوق ريح نشروه» فأنت لا محالة ستصبح ضحية لذلك النوع «الكبير» الذي يستطيع التهامك مع سيارتك وسيارات الجيران أيضا!! بالتجربة العملية، جرب الآن أن تشتري طبقا من البيض ثم ضعه في أكثر الأماكن أمنا في سيارتك، ثم انطلق إلى حي السويدي «أحد أكبر أحياء العاصمة الرياض»، تجول فيه قليلا، ستكتشف دون مساعدة من أحد أن طبق البيض هذا قد تحول لبيض «عيون» بعد فراغك من ثالث شارع في جولتك المباركة تلك! لا تهتم لأمر كذاك، ولا ثنيك كل الأصوات التي سيصدرها محرك سيارتك اعتراضا على ذلك الوضع، أما في حال نجاحك في المهمة السابقة دون أن تكف سيارتك عن العمل، فإنني أنصحك بالاحتفاظ بها وعدم التفريط بها مطلقا! لك حق التساؤل خلال جولتك السابقة عن إذا ما كانت سيارات المسؤولين أيضا تمر من فوق نفس الشوارع التي نسلكها، أم أنها تمتطي شوارع مختلفة لا نشاهدها نحن، أم هي مزودة بخاصية الطيران مثلا، لك أيضا أن تتساءل «لماذا وكيف وأين وإلى متى؟» إلا أنه ليس لك الحق أن تنتظر جوابا من أحد! المكسب الوحيد من حفر الشوارع لدينا هو أننا سندون شوارعنا بأحرف خشبية في موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية بجدارة! تلك الموسوعة التي نقتحمها غالبا من أبوابها الخلفية! في كل مرة أرى فيها مثل هذه الحفر أتذكر المثل الذي طالما استشهدت به كثيرا غير أنني لم أره يصدق إطلاقا «من حفر حفرة لأخيه وقع فيها» وكم أتمنى أن يصدق!