في تصريح للأستاذ خالد البلطان رئيس نادي الشباب قال: «وأنا أشكر الأمير نواف بن فيصل على تأسيس ثقافة التقاضي في الاتحاد السعودي»، وبدوري أقول شكرا لك للإشارة إلى أهمية هذه المسألة. إن ثقافة التقاضي من لوازم الوعي الحقوقي لدى المواطن، ولتأسيس أعمق لثقافة التقاضي يجب الدفع باتجاه التوعية الحقوقية الأساسية التي يجب ألا تغيب عن إدراك أي مواطن سعودي، يأكل الطعام ويمشي في الأسواق. بحيث يجب أن يعرف المواطن أن له حقوقا أثبتها له الشرع والنظام، ولا يمكن هدرها بحال، وأن عليه واجبات ينبغي ألا يتهاون فيها. فإذا علم المواطن أن له الحق في رفع قضية ضد مؤسسة أو شركة أو بنك أو خدمة، لأي سبب من الأسباب، يستعيد بها حقه المسلوب من القضاء، فلا شك أن المظالم والتجاوزات ستنخفض، ومستوى الخدمات سيرتفع. ولكن غياب هذه الثقافة الحقوقية سبب رئيس لتزايد ممارسات التعسف والظلم والتجاوزات بحق المواطنين، خصوصا إذا صاحب ذلك غياب تام للشفافية والمحاسبة، وهذا ما يؤسس للتوحش المادي المؤسسي والجشع التجاري على حساب جودة الخدمة وأمن وصحة المواطن أو العميل أو المستهلك. ولكن يتبقى السؤال الأخير في هذا الشأن، ما هي الجهات التي يفترض أن تكون مصادر للتوعية الحقوقية في البلاد؟ ولماذا هي بهذا الهزال والضعف وقلة الحيلة؟ الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان أصدرت مشكورة عددا من البيانات، التي توضح حقوق المواطن في حالات التوقيف أو التفتيش أو الاتهام أو المحاكمة، ولكن هذه ليست كل حقوق المواطن، أين هي الحقوق الخاصة بالمواطن فيما يتعلق بقضايا مخالفات وسائل الإعلام والمؤسسات التجارية وسوق المال ووظائف الخدمة المدنية؟ ما وسائل التظلم والمرافعة لاسترداد الحقوق المهضومة والأموال المسلوبة والنفوس المتضررة التي يتعرض لها المواطن في حياته اليومية مع هذه المؤسسة أو تلك، أو هذه الجهة أو تلك؟ المشكلة الحقيقية أننا نعلم أن القانون لا يحمي المغفلين، ولكننا نعلم بصورة أو بأخرى أننا مغفلون دائما.