غيرت «ثورة 25 يناير» كثيرا في خريطة القوى السياسية في مصر. ولم يكن مستغربا أن تتسم الخريطة بعد الثورة بالكثير من السيولة والفوضى، فما حدث في يناير 2011 كان مفاجئا للجميع، حسب تقرير أعده خالد عز العرب لهيئة الإذاعة البريطانية من القاهرة. ولم تسمح أحداث الثورة نفسها، والوقت القصير نسبيا الذي استغرقته قبل الإطاحة بالرئيس حسني مبارك، ببروز قيادة تستطيع أن تزعم أنها الممثل الشرعي والوحيد للثورة. فنشأت بدلا من ذلك عشرات المجموعات التي تعمل على تنفيذ ما تراه مطالب الثورة الحقيقية، من وجهة نظرها. وإذ تحاول بعض هذه المجموعات أن تتحد مع مجموعات أخرى لإقامة كيانات أكبر، تشكل عدد لا يسهل حصره من الائتلافات والجبهات والاتحادات. وفي كثير من الأحيان تكون الاختلافات داخل هذه التحالفات أكبر كثيرا من مساحة التوافق التي تجمعها. فتتحول سريعا إلى تحالفات اسمية فقط. ورغم أن مرشحي رئاسة الجمهورية الأبرز لا ينتمون إلى أي من الأحزاب والحركات القائمة، فمن المرجح أن تلتف حولهم بعض هذه الحركات، ومن المحتمل أن ينجح بعض هؤلاء المرشحين في خلق كيانات سياسية جديدة من رحم حملاتهم الانتخابية، إلا أن هذا الأمر يبقى مؤجلا على الأقل حتى يتم الإعلان عن موعد انتخابات الرئاسة. وبالنسبة للأحزاب التقليدية القديمة، فإنها لم تلعب دورا يذكر أثناء ال18 يوما التي امتدت من 25 يناير وحتى تنحي مبارك في 11 فبراير الماضي. والآن تحاول بعض هذه الأحزاب أن تخلق لنفسها وجودا ما على الساحة السياسية مستفيدة بالميزة النسبية التي تتمتع بها والتي تتمثل في وجود بنية تحتية قائمة، وعلى رأسها حزب الوفد بتاريخه الممتد. وهناك أحزاب التجمع والناصري والجبهة الديمقراطية والغد والكرامة. وأهم الأحزاب الجديدة هو الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تتمتع بقوة تنظيمية وخبرة سياسية تفوقان بقية الحركات السياسية. ورغم أن التيار السلفي كان بشكل عام ينأى بنفسه عن دخول معترك السياسة قبل الثورة، فإنه ظهر على السطح بشكل قوي في الشهور الأخيرة. وتم تأسيس حزب النور الذي يعبر عن إحدى أقوى الاتجاهات السلفية، وهي الدعوة السلفية في الإسكندرية. وعلى الجانب الآخر وردا على إنشاء الإخوان حزب الحرية والعدالة، أنشأ رجل الأعمال نجيب ساويرس حزب المصريين الأحرار. ومن الأحزاب الأخرى في التيار الليبرالي حزب مصر الحرية والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وحزب العدل وحزب العمال. ويضم اليسار أيضا حزب التحالف الشعبي الاشتراكي والحزب الشيوعي المصري وحزب مصر الاشتراكي وحركة الاشتراكيين.