كثيرة هي مظاهر التميز التي يبحث عنها الشباب، وذلك ما يجعلهم هدفا استهلاكيا مميزا لكثير من الجهات، وربما يكتب صالون حلاقة في لافته «صالون التميز» أو « النخبة» لاستقطابهم لخدماته. ومن أبرز وأهم تلك المظاهر لوحات السيارات، التي لتميزها دلالاته الكبيرة بالنسبة إلى شخصية الشاب، وذلك ما جعل إدارة مرور منطقة الرياض تطلق مزادا شبه شهري للوحات المميزة في الموقع المخصص لذلك في مرور دلة بشمال العاصمة الرياض، حيث يبدأ الاستعداد مبكرا لاستقبال الشباب، وذلك بطرح الأرقام المراد المزاد عليها عبر الموقع الإلكتروني للمرور، وما إن يقترب الموعد حتى تمتلئ صالة المزاد بالشباب تتراوح أعمارهم بين 18 – 35 عاما، وقد تصل العدوى لكبار السن والأجانب في مزاحمتهم أملا في الحصول على رقم يميزهم. انطلق التفكير في دخول المزاد من زاوية نفسية بحتة لمعرفة حجم الرغبة في تميز لوحة السيارة للشباب، وإلى أي مدى يحرصون على الحصول على لوحة مميزة، ولذلك دخلت مباشرة للمزاد والمزايدة مع الجمهور، ورغم أني لست مزايدا إلا أنني في خاتمة المطاف وقعت في المحظور. شروط المزاد لا يشترط المزاد أي جنسية لدخوله، بل المهم امتلاكه قيمة اللوحة، حيث يتم تحصيل تأمين مبلغ ألف ريال شرطا لدخول المزاد، ثم خصم مبلغ التأمين من قيمة شراء اللوحة أو استرجاعها في حالة عدم شراء أي لوحة، حيث اجتمع أمام الكاونتر منذ وقت مبكر عشرات الشباب ليتمكنوا من دفع مبلغ التأمين ودخول المزاد الذي يبدأ بعد صلاة المغرب من قبل بعض الباحثين عن التميز من السعوديين والأجانب، وكانت لبعضهم خبرة كبيرة في المزاد وكأنها ليست المرة الأولى لحضورهم، علما بأن اللوحة التي تم شراؤها تطرح بعد شهر في المزاد إذا لم يتم تسجيلها قبل نهاية الشهر. حديث جانبي بعد أن دفعت مبلغ التأمين والجلوس في أحد المقاعد، وإذا بجانبي أحد الأشخاص من جنسية عربية، وبينما نتبادل أطراف الحديث قبل بدء المزاد أخبرني بأنها ليست المرة الأولى لحضوره المزاد، بل إنه كثير الحضور للظفر ببعض اللوحات المميزة التي يشتريها ليس للتجارة وإنما لسياراته الخاصة. واختتم حديثه بآهات عميقة وهو يسترجع آخر مزاد سابق حضره عندما وقعت عينه على إحدى اللوحات المميزة التي عرض فيها 45 ألف ريال، ولكن ذهبت لغيره ممن زاد في سعر المزاد، ويبدو أنه أحد «الهوامير» ولكنه صمم هذه المرة على الظفر بإحدى اللوحات المميزة ومن الواضح أن حمى التميز وصلت إليه. بداية المزاد بدأ المزاد في أول لوحة وتحمل «أ و ل 1111» وبدأت الأصوات تتعالى في الزيادة، وما لبثت أن بدأت في الانخفاض وبعد برهة ساد السكوت أمام أحد الأشخاص الذي دفع 36 ألف ريال، ويبدو أنه مصمم على الظفر بها مهما كلفه من مبالغ. ثم جاءت المزايدة على اللوحة الأخرى برقم «أ و ل 2222» وكالسابق ارتفعت الأصوات بالمزايدة حتى انتهت بمبلغ 9200 ريال، ثم اللوحة «أ ول 3333» التي فاق سعرها أكثر من سابقتها بمبلغ 15 ألف ريال، فيما حصلت اللوحة «أ و ل 4444» على مبلغ 11500 ريال، وتوالت اللوحات والأرقام المميزة حتى وصولها إلى إحدى اللوحات التي أترقبها وهي «أ و ل 7000» حيث بدأت بالمزايدة عليها، بينما هناك أحد الأشخاص ومن الواضح أنه يريد تلك اللوحة أخذ يزايد من حيث تمنيت في تلك اللحظة أن أخنقه ليسكت حتى رست علي بمبلغ زهيد وهو 4500 ريال، بعد ذلك توالت اللوحات حتى وصولها لآخر لوحة وهي « أ أ أ 3596» وبيعت بسعر رمزي 300 ريال، وأعلن بعد تلك اللوحة انتهاء المزاد. إجراءات التسجيل بعد ذلك توجهت للضابط المسؤول الذي طلب هويتي ورقم المزاد ليتم تسجيلها باسمي، ثم التوجه للصندوق في إحدى الكاونترات ذات الرقم 14 لدفع المبلغ المتبقي من قيمة التأمين، حيث شهد صندوق دفع المبالغ ازدحاما كثيفا من الذين اشتروا بعض اللوحات التي رست عليهم في المزاد، وبعد أن دفعت المبلغ المستحق لدى المرور أعطاني ورقة زرقاء لمراجعة مرور الناصرية لنقل اللوحة لإحدى السيارات الخاصة بي معلنا فوزي بهذه اللوحة المميزة. تميز وتجارة في الجانب الآخر تحدث لي أحد الأشخاص ويكنى «أبوعبدالله» بأن وجوده اليوم في المزاد إنما لشراء مجموعة من اللوحات للمتاجرة بها، حيث أكد أن هناك الكثير من الشباب الباحثين عن التميز ويدفعون مبالغ طائلة للحصول على لوحة مميزة ما جعله يتوجه إلى المزاد وشراء بعض اللوحات المميزة، ثم عرضها في أحد المواقع سواء على الإنترنت أو في الصحف المحلية التي تلاقي إقبالا واسعا من الشباب، حيث تتراوح أرباحه في اللوحة الواحدة من ألف حتى 35 ألف ريال، ومعظم زبائنه من الشباب الذين تتراوح أعمارهم من 20 حتى 30 عاما، وأكد أنه ينوي التوسع في هذه التجارة عبر شراء أكبر عدد من اللوحات وبيعها بأسعار مناسبة، وأوضح أن لديه إحدى اللوحات المميزة في سيارته الخاصة، وقد وصل ربحه منها إلى أكثر من 50 ألف ريال، ولكنه حتى الآن لم يفكر في بيعها لثقته بأنها قد تساوي الكثير. 16 مليونا جنون التميز رديف لجنون الأرقام، ففي أحد المزادات السابقة شهد بيع لوحات مميزة بأرقام قياسية حيث بيعت اللوحة «أ أ أ 1111» بمبلغ وقدره ستة ملايين و 450 ألف ريال، فيما تم بيع اللوحة «أ أ أ 9999» بمبلغ إجمالي ثلاثة ملايين و 500 ألف ريال. وبيعت اللوحة «أ أ أ 7777» بمبلغ وقدره مليونان وخمسة آلاف ريال، بينما بيعت اللوحة «أ أ أ 8888» بمبلغ وقدره مليون و 210 آلاف ريال، وتم بيع اللوحة «أ أ أ 4444» بمبلغ إجمالي قدره مليون و 600 ألف ريال، واللوحة «أ أ أ 6666» بمبلغ وقدره مليون و 100 ألف ريال. فيما تم بيع اللوحة «أ أ أ 5555» بمبلغ إجمالي قدره 765 ألف ريال، وتم بيع اللوحة «أ أ أ 3333» بمبلغ إجمالي وقدره 510 آلاف ريال، وبيعت اللوحة ذات الرقم «أ أ أ 2222» بمبلغ إجمالي قدره 400 ألف ريال، حيث بلغ الإجمالي لعدد اللوحات التسع التي تمت المزايدة عليها 16 مليونا و 940 ألف ريال