كان الشيخ الكبير يقف على قمة الجبل متأملا، وعلى سفحه طفل صغير متأمل هو الآخر، كان كل منهما ينظر إلى المكان من حوله، ويتحاور مع الآخر، فاختلفا حول ما إذا كانت المنطقة جميلة وواسعة أم لا. هذه – كما أذكر- حكمة لطيفة، حين نتأملها تتضح لنا الصورة في معنى «أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة». الطفل الذي توقظه أمه كل صباح، ويصحو بكل ما أوتي من تثاقل وضجر، ويخرج حاقدا على مدرسته المملة، وعلى أمه التي لا تتعمد جلب النكد إلى حياته بإيقاظه كل يوم.. كلنا –بشكل من الأشكال- يوما ما كنا ذلك الطفل. ولعلنا نأنس بتذكر الكثير من المواقف التي نهينا فيها عن أفعال أو أمرنا بها، وخضعنا لها كرها لا طوعا لسلطة آمرنا، ومن ثم وعينا حكمة تلك الأفعال. الجميل في الأمر، أن المرء في كل مراحل حياته، لا يستطيع أن يتجاوز أفق نظرته التي يحدها العمر والتجربة، حتى وإن قرأ أو عاشر من خاضوها، تظل لكل تجربة نكهتها التي لا توصف بالرائحة، ولكل عمر نضجه الذي من المؤسف ألا يستفاد منه. لم نحرم أنفسنا لمسة الخبرة وفائدتها؟.. على سبيل المثال، لدينا شريحة واسعة من المتقاعدين الذين سبق أن شغلوا وظائف حيوية وإدارية مختلفة، والذين لو أتيحت لهم فرصة الإشراف على العاملين الجدد بها، أو حتى إمدادهم بالرأي في قراراتهم لكانت المخرجات أوثق وأقوى ركيزة. في هذه المجالات نستسهل الأمر، ونكتفي بتجارب الموظفين الجدد بعذر التدرب، ونستطيع أن نرى «تقديس» الخبرة في المدربين الذين تستجلبهم أنديتنا الرياضية بالغالي والنفيس. لنا الخيار.. في أن نكون ذلك الشيخ على القمة، أو أن نكتفي بحدود الطفل.