لدينا لبس واضح في فهم معنى الحرية، فهي من وجهة نظر البعض فعل كل ما يخطر بالبال دون قيود أو تحمل للعواقب، ونتيجة لهذا الفهم تجد المشاكل والمضايقات والاستهتار بحقوق الآخرين وعدم احترامهم، وبدوافع الفهم الخاطئ لما يسمى بالحرية تجدهم يمارسون التصرفات السيئة كالتدخين والتسكع في الشوارع وفي أحيان كثيرة يتعاملون بشكل لا أخلاقي مع الضعفاء والمحتاجين! هذه الفئة من الناس لا تدرك أن الحرية والمسؤولية وجهان لعملة واحدة، فهم تبعا لذلك أبعد ما يكونون عن الحرية، بل إنهم مجرد أسرى لرغباتهم الشخصية وشهواتهم. الإنسان الحر لديه فكرة وهدف وخطة لحياته، يفكر بالغد وبالمحيط من حوله، مبادئه وقيمه حررت عقله من الترهات فبات يتطلع للمستقبل الذي يطمح له، الحرية ليست طيش شباب أو تسكعا أو سهرا وسفرا إنما هي أعمق من ذلك، فالأحرار عقولهم تفكر وأرواحهم تسمو ومبادئهم تخلد، كالماهاتما غاندي ونيسلون مانديلا وغيرهما الكثير الذين رغم السجن والتهميش والإساءة صمدوا من أجل آرائهم وأفكارهم. في كتاب أصوات قلبت العالم لمؤلفته الصحفية كيري كندي قال التشيكي فاكلاف هافل وهو ناشط في حقوق الإنسان عن الحرية كلاما عميقا جدا، ونتيجة لآرائه حول نظام بلده الشيوعي وكتاباته بخصوص القمع وانعدام حرية التعبير سجن مع الأعمال الشاقة، قال: الحرية دون مسؤولية هي شيء أشبه بالحلم، حيث يقوم كل شخص بما يريد القيام به دون أن يتحمل عواقب أفعاله! لكن ذلك سيكون بلا معنى فالحياة تفقد جوهرها دون مسؤولية وتفقد معناها وتوازنها.. انتهى. نحن في حاجة ماسة لفهم مبادئ الحرية وتعلم مسؤولياتها، وأتمنى أن يقوم مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بعقد جلسات ومحاضرات حول هذا الموضوع، وأن يأخذ على عاتقه هذه المهمة الوطنية، وكذلك على وزارة التربية والتعليم توعية طلابها حول مفهوم الحرية العميق وما الذي يتضمنه بالضبط.