أوضح وزير العدل الدكتور محمد العيسى، أن تسبيب الأحكام يكشف عن مستوى المادة، والملكة القضائية، ويؤسس للحكم ببيان شاف لا مصادرة فيه ولا غموض، ويجعل من يشرف على الحكم على بينة من أمره في دراسة ما انتهى إليه الحكم الابتدائي أو الاستئنافي، مبينا أن قصور التسبيب عيب إجرائي له أهميته؛ إذ يتجاوز مأخذه «في قياس من لا يعلم» مصدر الحكم إلى مصادر تلقيه، وإن كانت مصادرنا من ضعفه وفواته براء. وفي تصريح له بمناسبة رعايته في فندق الإنتركونتننتال بجدة صباح اليوم، الملتقى القضائي حول تسبيب الأحكام القضائية الذي تنظمه الوزارة بمشاركة قضاة من محاكم الدرجة الأولى والاستئناف والمحكمة العليا وخبراء قانونيين، ويتناول موضوعا رئيسا يتضمن تسبيب الأحكام القضائية من خلال أحكام وقواعد الشريعة الإسلامية ومبادئ القضاء في المملكة، ولمدة ثلاثة أيام أشار إلى أن حسن التسبيب يزيد من رونق الحكم تأسيسا وبيانا، وهو من قبل ومن بعد منسوب للشرع. وأكد وزير العدل أن الأسباب تعد مناط الحكم وعليها مداره؛ لأنها مرتكز قياس الأداء الفني في الحكم نفسه وفي تقويم ملكة مصدره وقياس رصيده العلمي، مضيفا أنه كثيرا ما يؤخذ على الحكم قصور أو ضعف في التسبيب «الانعدام الجزئي له»، ويرد على مصدره؛ لهذا العيب الإجرائي في توصيفه الشكلي، مع التسليم بسلامة منطوقه الذي يمثل شقه الموضوعي، معتبرا أن هذا الأمر في طليعة مقاييس التفتيش القضائي. وبين العيسى أن كتابة الأسباب الركن الأهم في بناء الحكم، وتزيد أهمية في المملكة؛ لكون أحكامها منسوبة للشريعة المطهرة، كما أن القاضي يوقع عن حكمها، مضيفا «من هنا ثقل تعارض الأحكام الشرعية وتباينها في الواقعة الواحدة، وصارت المطالبة بمدونة للأحكام لها حظ من النظر، ونحن إليها أكثر حاجة من غيرنا من هذا الوجه، فإذا كان من لا يحكم بشرع الله لا يرتضي تعارض وتضارب أحكامه عند اتحاد وقائعها «وهي من عند غير الله»؛ سعيا منه لتسديد عيبها ما وسعه التسديد، فكيف والشأن يتعلق بحكم الله المحكم». وزاد وزير العدل «إذا كانت الحاجة إلى ضبط الفتوى ملحة؛ فهي في الأحكام القضائية أكثر إلحاحا وحاجة، وكل هذا لا يحول عن واجب البحث والدرس في نصوص الشريعة ومدونات أهل العلم؛ وصولا للحق الذي يدان الله به، فإن كان خلاف ما قضت به المدونة، أو ما استقر عليه العمل القضائي بين ما يراه «مسببا وجهة نظره»، وإلا لزم جادة ما دون، وما استقر عليه قضاؤه، والتراتيب الأولية في فكرة تدوين الأحكام القضائية على هذا الخطو الميمون» .