هذا الموضوع ليس ترفا بل نبض لحال كثير من القلوب المتصدعة، فإن كان الإنسان يطمح لإصلاح وضع الرحلات الجوية، ويتوق لأن يجد سريرا حين يتوعك، ويأمل في الحصول على وظيفة حين يتخرج، فهو حتما يريد أن تبقى روحه في أمان. كثيرا ما وددت الكتابة عن تقلبات البشر حتى من أوثق الناس قرابة وصلة، فكم انكسرت أرواحنا، وكم رأينا قلوبا دامية تتضور؛ لذا كنت أرجئ أمر الكتابة حتى آمنت أخيرا بأن لا شيء يبقى، ولا أحد يستحق، وباتت لدي مناعة تجاه أي غياب. قبل سنوات كنت أسأل إحدى معلماتي المقربات عن شعورها فيما لو انقطعت صديقتها فجأة دون إخطار! فأجابت: أنا لا أعبأ بمن يأتي أو يذهب، ولله الحمد! مضت الأيام وبقيت كلماتها في نفسي وبغض النظر عن مدى صحتها إلا أنني حاولت تطبيقها في كل مرة مع استحضار هدوئها وابتسامتها حتى نجحت! أن يصبح الناس لديك سواسية لا يعني أنك عديم الإحساس، بل منضبط الشعور وعادل في تقسيم ما يختلجك من عواطف، هكذا أفلسف الأمر كي أقاوم كيمياء النبض وأعيش بسلام بين بشر متفاوتي المسؤولية والمشاعر والقيم! هنا أنصح الجميع بإسراج عواطفهم للجميع دون انتظار جزاء قد يُكافأ بالصدمة أو كبت يعقبه الانفجار، وقد يبدو هذا الطرح مثاليا إلا أنه واقعي في زمن الأنا والجفاف والخذلان. نحن في الحقيقة بحاجة إلى تربية روحية وجدانية في الأسرة والمدرسة كذلك، إن لم تحدث بطريقة غير مباشرة فمن الواجب استحداث منهج يربي هذا الجانب الذي يعد بوصلة الحياة، فحين نأتي للتربية نجدها بناء الشخصية المتكاملة عقليا ونفسيا واجتماعيا وعاطفيا، وأجد أن العملية التربوية لدينا قامت بجهد لا بأس به في كافة الجوانب السابقة باستثناء العاطفي منها! لذا أؤكد أن تربية المشاعر لدينا ولدى من حولنا، لا أعرف كيف نطمح لبناء نهضة بأنفس تعاني! فلنبدأ من أنفسنا لأجل مجتمع سليم.