غالبية المدن الكبرى في العالم مثل بومباي، شنغهاي، نيويورك والتي يزيد عدد سكانها عن العشرة ملايين نسمة عادة ما تسجل أوقات ذروة الازدحام فيها ما بين الساعة السابعة إلى التاسعة صباحا وتعود إلى الركود النسبي، ثم تعاود إلى الذروة من الثانية عشرة والنصف تقريبا إلى الثالثة ظهرا، ويختلف هذا التقدير نسبيا في إجازة نهاية الأسبوع والأعياد والاحتفالات. أما مدينتنا الحبيبة جدة فهي أم الرخاء والشدة، فعدد سكانها لم يتجاوز الخمسة ملايين، لكنها تعامل مثل أكثر مدن العالم ازدحاما بالسكان، فهي كريمة على سكانها في فصول السنة الثلاثة – الخريف والشتاء والربيع- تحتويهم في كل الأوقات وتعتبر جميع ساعاتها هي أوقات ذروة، حتى بعد منتصف الليل في وسط الأسبوع هناك ذروة ولكنها من نوع آخر. فشوارعها المكتظة بالسيارات ليل نهار لا تكاد تفارقها، تجد الزحام هنا وهناك ينتظرك، حتى أن مشوار ربع الساعة تقضيه في ساعة إذا كان في أوقات الذروة، وجدة كلها ذروة. أما جدة في فصل الصيف، وما أدراك ما الصيف فيها، إنه صيف غير في جدة غير، فالازدحام يتمدد بحرارة الصيف الحارقة ورطوبة البحر القاتلة، ترى الشوارع التي كانت مكتظة بالسيارات أصبحت أكثر اختناقا، أما الأسواق التي تقطن غالبية شوارع جدة فهي غنية عن الوصف، وجميعنا يعلم أن غالبية زائري جدة في الصيف هم زائرو البحر أو الأهل أو الأسواق، ومهما تعددت الأسباب إلا أن الزحام واحد. والسؤال الذي يطرح نفسه.. كيف سيكون استقبال جدة لضيوفها الكرام هذا الصيف؟ هل سيكون بالمهرجانات والمخيمات والتخفيضات الوهمية وغلاء الشقق المفروشة والفنادق والأماكن السياحية فحسب، أم بإصلاح الحفريات والمطبات المترامية في كل مكان وإنهاء الأعمال الإنشائية في شوارع جدة والتي سئمنا من طول وقتها وقلة جودتها؟ صيف جدة هذا العام حتما سيكون غير، لأنه أول صيف بعد سيول جدة الثانية والتي كشفت لنا الستار عن المتلاعبين المتواطئين في مشاريع جدة الإنشائية، والموقف شديد اللهجة الذي اتخذته حكومتنا الرشيدة مع أولئك المتسببين في الكارثة، لذا نظرة المصطافين لجدة ستعلوها علامات استفهام بين ما سمعوه وشاهدوه في وسائل الإعلام وواقع الحال. فهلا استعددنا لتلك النظرة الانتقادية المرتقبة؟