من المتوقع أن يشهد الموسم الرمضاني المقبل انخفاضا ملحوظا في أجور الدراما العربية بعد مطالبات عدد من قطاعات الإذاعة والتليفزيون من النجوم تخفيض الأسعار تماشيا مع تكاليف الإنتاج، ونفس الأمر ما يحدث مع الدراما السورية التي تعيش حالة تقشف دفعت الفنانين للبحث عن فرصة الحضور عربيا، وسينعكس الأمر بصورة أو بأخرى على الدراما الخليجية والسعودية على وجه الخصوص، والتي أشعل فيها الاحتكار في السابق الشرارة الأولى للمبالغ المالية التي جعلت أجور بعض الممثلين تقفز في فترة وجيزة من خانة العشرات إلى خانة الآلاف بل بعض هذه العقود وصلت إلى فئة الستة أصفار نظير فترات تمتد إلى خمسة أعوام، وإذا ما نظرنا إلى مؤشر أسعار الفنانين في الأعمال المحلية فإننا نجد أن الأمر استغرق أقل من 15 عاما، وهي الفترة الزمنية التي انتقل فيها دخل الممثل السعودي إلى أرقام عدها البعض أنها مبالغ بها، كون التجربة المحلية تعتبر حديثة مقارنة بغيرها من الدول العربية، وإن كان البعض يرمي باللائمة على ارتفاع الأجور تجاه القنوات الفضائية التي تمتص هذه المبالغ من دماء المعلنين وترغب في حشد أكبر قدر من النجوم في أوقات الذروة بغية الفوز بأكبر رغيف إعلاني يسد ما أنفقته على هذه المسلسلات وهذا الأمر انعكس تصاعديا على حجم الإنفاق على مجموعة من الأعمال والممثلين.. لكن السؤال الذي ألقيناه على مجموعة من المنتجين والمنتمين إلى الوسط المحلي هل هذه المبالغ التي يتم إنفاقها على الدراما طبيعية أم أن الأمر يحدث بصورة مبالغ بها.. في البداية رأى الممثل والمنتج حسن عسيري مالك مؤسسة الصدف أنه عندما تتحول الدراما إلى صناعة ورؤوس أموال ومشاريع إنتاجية فإن هذا الأمر مبرر بحسب الربحية، وألمح عسيري إلى أن «الصدف» قد تكون هي المستهدفة بالتساؤل الذي طرحته «شمس» كونها أكثر مؤسسة عربية أنفقت على صناعة الأعمال في السنوات الأخيرة على حد وصفه: «طالما أنني أربح فلم لا يحصل الفنان شريك النجاح على جزء من الكعكة؟! وبطبيعة الحال لن يحدث ذلك بصورة تؤدي إلى ضرر أي طرف سواء أنا كمنتج أو هو كفنان». وأوضح عسيري أن أسعار الفنانين في الوسط المحلي معروفة وهي تختلف عن الأرقام التي يتم تداولها عربيا، مبينا أن الإعلام يبالغ أحيانا عندما يتحدث عن الأمر والمسألة باتت واضحة للجميع، مؤكدا في حديثه أن انخفاض الأجور في الدراما المصرية ظاهرة صحية كونه أشبه بموجة «التصحيح» التي تشهدها أسواق المال. من جهته ذكر الممثل والمنتج عبدالله العامر «منتج مسلسل هوامير الصحراء» أنه لا يوجد فنان محلي يحصل على أجر في خانة الملايين لأن ميزانيات الأعمال لا تسمح بذلك على حد قوله، مستدركا في الوقت نفسه بأن أجور النجوم قفزت في الأعوام الأخيرة بصورة مطردة وهذا الأمر بات يؤثر في إنتاج كثير من الأعمال التي تحتاج إلى تكاليف أكبر: «بطبيعة الحال تكاليف المسلسل اليوم ليست كما كانت قبل 20 عاما، وكذلك أجور النجوم التي وصلت إلى أرقام كبيرة ولكن لم تصل إلى الملايين». المخرج والمنتج عبدالخالق الغانم بدا منطقيا إلى حد بعيد عندما استبعد إعطاء بعض الممثلين المغمورين مبالغ تفوق قدراتهم وشهرتهم، وعلق على تذبذب أسعار يجري بقوله: «هذه الأجور مبالغ فيها، والفنان السعودي أو الخليجي لم يصل إلى هذه الأرقام الفلكية»، مضيفا: «نعم الفنان تضاعف أجره، ولكن لم يصل إلى هذه المبالغ، فعندما أعطي فنانا نصف معروف مليوني ريال كأجر.. كم سأعطي إذن سعاد عبدالله أو حسين عبدالرضا؟!». ويقول الغانم إن تكاليف المسلسلات تضاعفت، ولكن أسعار الفنانين معروفة في السوق وهي في خانة الآلاف وليس الملايين، وعندما يعطي المنتج مبلغا باهظا فهو ينتظر في النهاية عائدا ماديا مجزيا في المقابل. ويتساءل هل يمكن أن يتحقق ذلك؟. الكاتب الدرامي والمنتج سعد المدهش ذكر أن الدراما العربية عندما يدفع فيها المنتجون ثمانية ملايين جنيه لفنان بحجم يحيى الفخراني أو نور الشريف، فإنهم يعلقون الآمال على التسويق كون العمل سيتم عرضه على عدد من الفضائيات العربية، وهذا الأمر سيعود بالنفع على الطرفين. وللدلالة على أن الأمر ليس ضربا من الخيال بل بات يمثل واقعا ملموسا فقد حصلت «شمس» على صورة ضوئية من عقد احتكار أحد الممثلين رغم التحفظ الكبير وحائط السرية الذي تفرضه مؤسسات الإنتاج، ويتضمن هذا العقد توقيعه لمدة خمسة أعوام بمبلغ يقدر ب2.442.000 ريال يحصل عليها بطريقة الخمس دفعات، حيث جرى الاتفاق على أن يقدم ثلاثة مسلسلات تليفزيونية في العام، كل مسلسل منها من 30 حلقة، ومدة الحلقة تتراوح ما بين 25 و45 دقيقة، إلا أن الأمر سيكون مختلفا بعد تقليص إنتاج الدراما المحلية على بعض القنوات التي كانت تعتمد بصورة مباشرة على الإنتاج السعودي .