أشعر أحيانا بأن عددا هائلا من الأشخاص تكن صدورهم شديد الحقد وعظيم الكراهية على رجال الحسبة، وأن هفوات بعض رجالها وزلاتهم كانت بمثابة القنبلة التي فجرت مخزون تلك المكامن. والغريب في الأمر أن الكثيرين قد استطابوا الحديث عن جهاز الهيئة وبعض رجالها بالسوء، فلا تكاد قضية ما تطرح ويكون أحد رجال الهيئة عضوا فيها، إلا ويقع اللوم ابتداء على رجل الهيئة، ويأخذ الأمر بعدا إعلاميا أكبر مما يستحق، مما يلبس الحادثة شكل قضايا الرأي العام، مع كون حلها لا يحتاج إلى تدخل أكثر من أطرافها. أن يتعرض شخص ما لموقف محرج مع أحد رجال الهيئة، أحد الاحتمالات المسببة لذلك الكره، أو ربما الرغبة في الحديث عن جهازها على وجه السخط، لكنه احتمال مستبعد من اتساع الشريحة التي لا تكف عن النيل منها. بلا شك، رجال الهيئة وأفرادها هم موظفون مسؤولون، وهم قبل ذلك أفراد كغيرهم، يحدث أن يصدر منهم الزلل، وإن كان البعض ينقدون في أفراد منهم تجاوز حد «المراقبة» إلى «التجسس»، أو منافاة «التي هي أحسن» بالغلظة والجفاء، فهذا لا يبرر التحامل ضد الجهاز وأفراده. فرجل الهيئة كرجل المرور أو الطبيب في أدائه لوظيفته، عدا أن الأخطاء تنسب غالبا إلى ذات المهنة، فنقول عن الأخطاء أنها «طبية» مثلا، لكن متى ما كان الحديث عن الهيئة، نسبت الأخطاء إلى الجهاز وأفراده تعميما. ولعل من الملاحظ استسهال الكثيرين السخرية اللاذعة من بعض رجال الهيئة متى ما فتح الحديث عنها، تلك السخرية التي ترى حتى في أعين المتسوقين إذا ما مر رجل الحسبة، وكأنه رجل أتى من عصر آخر بزي رث أو هيئة مستنكرة. حين يعي الفرد ما لفعله ذلك من نتائج، وما للاستهزاء بشيء من الدين من أثر، يستطيع عندها إدراك الحد الذي يتوجب الوقوف عنده، فمتى ما كنا قادرين على احترام ما ينقل لنا الغرب من أزياء وأشكال، كنا أقدر على احترام من يمثلون ديننا.