مشكلتي أني لا أفرح بأي شيء منذ أن كنت صغيرة، وأنا أرى في منامي جنية تلاحقني تريد الزواج مني، وأنا أرفض؛ لتشابه الجنسين أولا، ولاختلاف النوع ثانيا.. وعندما كبرت وأصبحت في سن الزواج كثر خطابي لجمالي ولحسن خلقي ولله الحمد والشكر والمنة، ولكن في كل المرات كانت تفشل الخطبة، إما مني أو من الخاطب.. وفي إحدى المرات تقدم لخطبتي أحدهم، ثم استخار الله، ورأى في منامه أن حولي عددا كبيرا من الجان والأشباح بمكان مظلم، وهو رجل ذو دين، فعدل عن رأيه.. علما أنني أحببت بحياتي رجلين: الأول رفضت فيه أفكاره الدنيوية، واختلاف العادات بيننا.. والآخر كان يحبني حبا شديدا، وفجأة مع مرور الأيام أصبح يغيب فترات ثم انقطع تماما، وكانت هذه التجربة القشة التي قصمت ظهر البعير، وأنا الآن أعاني جرح حالتي التي لا تتغير مع مرور الأيام.. مع العلم أني كنت أداوم على قراءة سورة البقرة لمدة أربعين يوما، ولا أعلم هل أفادتني تلك القراءة أم لا؟ كما أنني أرقي نفسي. الأخت الفاضلة.. في البداية أحب أن أهنئك على حرصك على دينك، والمحافظة عليه، والخوف من الوقوع في الزلل والخطأ. وهذا من أعظم أسباب الفرح والسعادة. يقول علماء النفس: إن هناك شيئا يتعلق بالشخصية الإنسانية يدعى الحصر يعرف بأنه: حالة من التوتر باعث على الخوف والحزن وعدم الفرح، وأسبابه خارجية غالبا، وهو أقسام: الحصر الخلقي، والحصر العصابي، والحصر الواقعي، ويعرف الأخير بأنه: الخوف من الأخطار الواقعية في العالم الخارجي، ولذا فعلى الشخص الذي يعاني من هذا الحصر أن يقوم بعمل ما يهرب منه، أو ينتهي عما يأمره به ضميره. أما الحصر الذي لا تجدي معه أي طريقة للخلاص فيسمى بالحصر الصدمي، وهو ينتهي بالشخص إلى حالة العجز الكامل.. هذا هو تقريبا التشخيص التقريبي للحالة حسب المعلومات المتاحة، والعلاج هو وفق ما يلي: 1 - إذا كان المرض يتعلق بالشخصية فإنه علينا أن نحاول العلاج من أصل المرض، وهو إعطاء النفس الثقة الكاملة بأنها تستطيع أن تفعل وتفعل لأن لديها مقومات فهي أولا مؤمنة مطمئنة عندها ثقة بربها وبعونه وتوفيقه، وقوية يمكنها الصمود مع الزمن. 2 - أحب أن أقول لك إنك كنت تفرحين بالنجاح وبالعيد وبالذهاب إلى أماكن الترفيه وبالحلوى والمفاجآت السارة، على الأقل حين كنت صغيرة.. أما قولك إنك لا تفرحين فهذا تعميم يعطيك رسائل سلبية ونظرة سوداوية للحياة، فلا تذكرين إلا الذكريات السيئة، وتنسين الأحداث الجميلة. 3 - اجلسي في مكان هادئ ومعك ورقة وقلم، وتذكري كم مرة نجحت في الامتحان.. كم مرة لعبت مع أقرانك.. كم مرة سافرت وكانت الرحلة سعيدة.. تذكري كل المناسبات السارة في حياتك عندها تعلمين أن الفرح والحزن هو قوام الحياة. 4 - إن الزواج ليس كل الحياة، ولم نخلق من أجل هذا وحسب، فكم من أناس ليس عندهم أزواج وهم يعيشون حياة سعيدة، بل هم أحيانا سبب في سعادة الآخرين، فاشغلي نفسك بالأعمال الخيرية التي تجلب لك الخير، وتبعد عنك الوساوس، فإن النفس إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر. 5 - من حديثك شعرت أنك تعيشين في وسط أسرة محافظة، فيها أب غيور وأم حانية، وهذا من أعظم النعم التي تجلب السعادة، فكم من أناس يعيشون بلا أسر، أو أسر تزج بهم في الرذيلة صباح مساء. 6 - أحب أن أذكرك بأحاديث وأظنك تعرفينها «ارض بما قسم الله لك تكن أسعد الناس». 7 - أما بالنسبة للرؤى والأحلام فإنها لا يؤخذ منها أحكام شرعية، ولا يستند عليها دائما، وهي ثلاثة أقسام فصل العلماء فيها قولا واسعا، فلا تتعلقي بها، وأريد أن أوصيك بوصية عندما تخلدين إلى النوم تذكري أمورا تحبينها، وأحسني الظن بالله أنه يجلب لك كل خير، ونامي وأنت مبتسمة. 8 - تقولين إنك تقرئين سورة البقرة ولا تدرين هل نفعك هذا أم لا، كما أنك تقرئين على نفسك، أختي السائلة إن الرقية الشرعية علم له آداب وآيات تخص كل مريض، فعليك أن تتعلميها حتى ينفعك الله بها، ثم إن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال: «يستجاب لأحدكم ما لم يستعجل» قالوا وكيف يستعجل؟ قال: «يقول دعوت فلم يستجب لي» فعلينا التوكل على الله وحسن الظن به سبحانه، ولاشك أن في قراءة القرآن خيرا عظيما، وقد يكون الله قد صرف عنك بهذه القراءة من السوء ما لم تكوني تحتسبين. وختاما: أتمنى أن أكون قد وصلت إلى حل مناسب يريحك، ويجعلك تمارسين حياتك بكل تفاؤل وحيوية. المجيبة: عفاف بنت حمد الونيس مستشارة نفسية