أكد وزير المالية إبراهيم العساف أن الوضع المالي والاقتصادي للمملكة مستقر على الرغم مما تمر به المنطقة من أحداث غير مسبوقة. وقال في كلمة افتتاحية لمؤتمر اليورومني الذي انطلق أمس وتنظمه وزارة المالية بالتعاون مع مؤسسة يورومني للمستثمر الدولي إن المملكة مستمرة في برنامجها الاستثماري الضخم بما فيه ما تم إقراره من إنفاق استثماري في ميزانية العام الجاري الذي بلغ 265 مليار ريال مع استمرار الاهتمام بالتنمية البشرية والسعي إلى تسهيل أداء الأعمال وخفض تكاليف النشاط الاقتصادي. وأوضح أن الإنفاق الفعلي «سيتجاوز ما قدر في الميزانية نتيجة للأوامر التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز». وقدر قيمة المبلغ الذي صرف على راتب الشهرين، وبعض المصاريف الأخرى في حدود ال 50 مليار ريال أغلبها لراتب الشهرين. وعن مصادر النفقات، قال العساف إنه من المتوقع أن تحقق الإيرادات الحكومية فائضا هذا العام، وعليه فإن الحزم التنموية ستمول من هذه الزيادة، وفي حال لم تكف ستلجأ الدولة إلى مصادر أخرى في إشارة منه إلى احتياطات المملكة، واستبعد أن يتم اللجوء إلى إصدار سندات لأجل تمويل هذه الحزم. ولم يحدد وزير المالية إبراهيم العساف القيمة الإجمالية «إعانة البطالة» المفترض صرفها للشباب الباحثين عن العمل وموعد صرفها وإذا ما كانت ستتم في الموازنة الحالية أم موازنة العام المقبل، وقال في تصريحات ل «شمس» خلال افتتاحه مؤتمر يوروموني، أمس، بالرياض «إجابات كل تلك الأسئلة عند وزير العمل وعندما ينتهي رصد المتقدمين يتم بعد ذلك الحديث عن الاعتمادات المالية لها في الموازنة العامة للدولة»، رافضا في الوقت ذاته التعليق على صرف غلاء المعيشة. وأشار وزير المالية إلى أن قيمة الحزمة التنموية التي جاءت بها القرارات الملكية أخيرا تقدر ب 80 مليار ريال لهذا العام، وقال إن تلك الحزم التنموية تنقسم في تقييم تكلفتها إلى قسمين، البعض منها يمكن تحديد قيمته الآن مثل تكلفة بناء 500 ألف وحدة سكنية ودعم صندوق التنمية العقارية، وراتب الشهرين، وكذا دعم 15 % المتعلقة بغلاء المعيشة، في حين أن هناك بعض الأرقام يصعب تحديدها مثل قيمة المبالغ المخصصة لإعفاء المتوفين من تسديد الديون المقررة. وأكد العساف أن الأرقام المحددة من قبل بعض الجهات تعتبر منخفضة، وأن الأرقام الحقيقية ستكون أكثر من ذلك، وعلى مدى زمني يمتد إلى أربعة أعوام أو أكثر، مؤكدا أنه من الصعب تحديد الرقم النهائي الآن للحزم التنموية، وأن المعلومات المتعلقة بالموضوع تدرس في الوزارة، وقال إن الحزمة التنموية المتعلقة بالإسكان سيكون الإنفاق عليها بطيئا في البداية، ويتسارع خلال الأعوام المقبلة، ولن ينفق عليها مبلغ مهم خلال هذا العام. وعن توقعات صندوق النقد الدولي أن يحقق اقتصاد المملكة نموا بنسبة 7.5 % خلال هذا العام علق العساف بأن هذا الرقم متفائل أكثر من اللازم، وقدر بناء على توقع الصندوق أن النفقات هذا العام ستكون عالية بسبب الأوامر الملكية، وتوقع ألا يصل معدل النمو إلى هذا الرقم، مشيرا إلى أنه سيكون أعلى من العام الماضي. وفي كلمته الافتتاحية أمام المؤتمر الذي تنظمه وزارة المالية بالتعاون مع مؤسسة اليوروموني تحت عنوان «تنويع مصادر التمويل» رأى العساف أن التحديات التي تواجه الاقتصادات الكبيرة تختلف عنها في الاقتصادات الناشئة، مؤكدا أهمية تحقيق الضبط اللازم للمالية العامة في الاقتصادات المتقدمة لضمان استمرار التعافي الاقتصادي العالمي، فيما يتعين على الاقتصادات الناشئة زيادة الاعتماد على الطلب المحلي واتخاذ السياسات اللازمة للحد من الضغوط التضخمية. وأفاد وزير المالية بأنه تم إدخال إعانة مؤقتة للعاطلين عن العمل للمرة الأولى بما يسهم في تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي، متوقعا أن يكون للإنفاق المرتبط بالأوامر الملكية أثر إيجابي إضافي في النشاط الاقتصادي المحلي ومن ثم النمو لهذا العام وللأعوام المقبلة، وحث على أهمية أن يخرج المؤتمر بأفكار تمكن من التعرف على آليات التمويل الممكنة والتحديات التي قد تواجه تطويرها خاصة في ظل وجود البرنامج الإنفاقي والاستثماري الضخم الذي يتجاوز الجانب الحكومي ويشمل مشاريع ضخمة للقطاع الخاص. وهو ما يؤكد أهمية تنويع مصادر التمويل من خلال تطوير آليات ووسائل مبتكرة، معربا عن أمله في أن يبحث المؤتمر قضية تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة بوصفها محركا مهما للنمو وتوفير فرص العمل. ونوه رئيس مؤسسة اليوروموني الاستثمارية بادريك فالون في كلمته بمتانة وقدرة الاقتصاد السعودي على مواجهة التحديات وخاصة الأزمة المالية العالمية، مشيرا إلى أن حسن إدارة السياستين المالية والنقدية للمملكة أظهر القدرات الحقيقية للمملكة التي أصبحت محركا مهما للاقتصاد العالمي. عقب ذلك أوضح وزير الاقتصاد والتخطيط خالد القصيبي في كلمته تبني المملكة استراتيجية بعيدة المدى للاقتصاد السعودي تستشرف أفقا زمنيا يمتد حتى عام 2025، مشيرا إلى أنها أرست أهداف المملكة على المدى البعيد من خلال توفير إطار جامع للخطط الخمسية المتعاقبة لتحقيق رؤية شاملة للمملكة. وقال القصيبي إن الأهداف الاستراتيجية تشمل هدفين رئيسيين هما مضاعفة حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بحلول 2025، وإحداث تحسن مماثل في مستوى نوعية الحياة للمواطنين، واستهداف تحقيق تقدم ملموس على صعيد تطوير هيكل الاقتصاد الوطني وتنويع قاعدته الإنتاجية من خلال تعزيز دور القطاعات الإنتاجية والخدمية غير النفطية، مشيرا إلى أن الاستراتيجية تستهدف كذلك تحقيق نمو في القطاعات الإنتاجية غير النفطية بمعدل سنوي متوسط يبلغ 7 % خلال مدة الاستراتيجية وهو ما يفوق معدل النمو السنوي المستهدف للناتج المحلي الإجمالي الذي يبلغ 5.7 %. وقال القصيبي إن القطاع الصناعي سيكون قاطرة النمو الأساسية للقطاعات الإنتاجية والاقتصاد الوطني ككل فاستهدف أن ينمو القطاع الصناعي بمعدل سنوي متوسط يبلغ 8.1 % وهو المعدل الأعلى بين جميع القطاعات، مشيرا إلى أن قطاع الخدمات سيكون مستهدفا في هذه الاستراتيجية نحو تحقيق معدل نمو سنوي متوسط يبلغ 7.4 % خلال مدة الاستراتيجية. وشدد وزير الاقتصاد والتخطيط على أن تحقيق أهداف الاستراتيجية يتطلب الاعتماد بشكل أكبر ومتزايد على قطاعات الأنشطة ذات المحتوى المعرفي والتقني المرتفع والإنتاجية العالية، وهي القطاعات التي تتمتع منتجاتها بميزات تنافسية قائمة على الجودة والنوعية والتكلفة والمنافسة. من جانبه وصف مدير مؤتمر يورومني السعودية 2011 ريتشارد بانكس، الاقتصاد السعودي بأنه متين وكانت لديه القدرة على امتصاص تداعيات الأزمة العالمية واضطرابات المنطقة وقال: «بالعكس استفاد من الاضطرابات التي تحيط ببعض مناطق شمال إفريقيا والشرق الأوسط، من خلال ارتفاع أسعار النفط بعد الطلب القوي في أسواق آسيا وهو ما دفع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2008، وانعكس ذلك إيجابا على ميزانية الدولة القياسية هذا العام» لكنه دعا إلى تنويع مصادر الدخل القومي السعودي وعدم الاعتماد على النفط فقط. وناقش «ريتشارد بانكس» في الجزء الثالث من المؤتمر فتح سوق الأسهم والسندات مباشرة أمام الأجانب، وأوضح أن شهية المستثمرين الأجانب للاستثمار في السعودية قوية جدا، وذكر أن فتح السوق السعودية للأجانب يجب أن يكون على رأس الأولويات في الفترة المقبلة .