سجل المذيع السعودي في الفترة الماضية حضورا عربيا مميزا، واستطاع رغم قلة الفرص أن يفرض نفسه بإمكاناته على الهواء، حتى أن نجوم البرامج والأخبار السعوديين على المستوى العربي أصبحوا يتصدرون الاستفتاءات في الصحف والمجلات العربية، كل ذلك لم يأت من فراغ، ويعكس الذهنية والكاريزما الجيدة للمذيع السعودي منهم صالح الثبيتي، علي الغفيلي، بتال القوس، هذا على الصعيد العربي، أما على الصعيد المحلي فتكاد الصورة تكون مهزوزة إلى حد بعيد في بعض محطات التليفزيون السعودي، وأصبحت الأستوديوهات أشبه ب«صالات المطار» أسماء تحضر سريعا ثم ترحل، ووجوه تعاني تقاسيم الارتباك والتردد والتلعثم وبطء البديهة، إضافة إلى البرود في غير وقته، ما يعكس أن هناك مشكلة داخلية حقيقية تجعل المشاهد يطرح عددا من التساؤلات هل هي الواسطة أم قلة التدريب أم ضعف الحافز المادي؟! ولماذا نشاهد البون الشاسع بين حضور المذيع السعودي عربيا وحضوره محليا.. أم أنها جميعها عوامل اجتمعت وتسببت في ظهور مذيعين «مهزوزين».. عن هذا الأمر وشؤون أخرى تتعلق بوجوه الشاشة طرحنا التساؤلات على عدد من المذيعين والمسؤولين.. في البداية لم يغفل غنام المريخي المذيع في قناة الإخبارية أهمية التدريب في ترسيخ صورة المذيع وإعطائه نوعا من الثقة بنفسه نابع من مدى تمكنه من أدواته خاصة حتى يؤدي رسالته بالشكل الأسمى: «التدريب موجود للمذيعين الجدد ولا يمكن ظهورهم على الشاشة إلا بعد إجراء العديد من الاختبارات لهم بحيث يكونون قادرين على الظهور على الهواء»، مبينا أن هناك مجموعة من المعايير المهمة التي يجب أن يحصل عليها مثل المؤهل الأكاديمي والثقافة إضافة إلى سرعة البديهة: «أولا الاختيار يبنى على أسس ومعايير معينة مثل الشكل والحضور أمام الكاميرا وغيرهما، ولا يكون الاختيار عشوائيا أو لمجرد ميزة واحدة، ولكن هناك عدة مزايا ينبغي أن تكون في المذيع، إضافة إلى الخلفية الكاملة عن نوعية البرامج التي يقدمها، أضف إلى ذلك المؤهل العلمي الذي أرى من وجهة نظري أن يكون جامعيا». فيما علق المذيع بدر الفرهود قائلا «إن لمقدم البرامج مواصفات أساسية وبديهية ينبغي أن تكون سمة في المذيع منها الحضور القوي أمام الكاميرا، وكذلك اللغة، إضافة إلى خامة الصوت والخبرة بنوعية البرامج التي يقدمها إضافة إلى سرعة البديهة، وهناك مواصفات تصقل بالتدريب المستمر مثل صياغة الأسئلة والتعامل مع الضيف إذا كان في برنامج حواري»، وفيما يتعلق بظهور بعض المذيعين بشكل مهزوز في عدد من البرامج «بالنسبة للشخص الذي يظهر لأول مرة يكون هناك نوع من الارتباك، ولكن سرعان ما يزول مع مرور الوقت، وهذا أمر طبيعي كونه يظهر للمرة الأولى والكاميرا لها رهبتها، أما إذا كان الارتباك ديدن المذيع فمعنى ذلك أن هناك خللا في المذيع، وينبغي أن يكون لديه الكثير من الجرأة ويعترف بفشله، وعليه أن يتدرب كثيرا حتى يستطيع أن يقف أمام الكاميرا ويخاطب المشاهدين». وبسؤاله عما إذا كان للواسطة دور في ذلك علق الفرهود: «قد تكون الواسطة محمودة ويظهر المتوسط له بشكل جميل ويواصل النجاح، لأنه يمتلك أدوات المذيع الناجح، وقد تكون العكس تماما وهذا ينكشف أمام الجميع، ولكن المصيبة أن يفشل الشخص ويستمر في الفشل»، وأضاف: «هناك كلمة أحب أن أوجهها للمذيعين المبتدئين هي عدم الاستعجال في الظهور وصقل موهبتهم بالتدريب، والاستفادة ممن سبقوهم في هذا المجال، لأن في النهاية التقديم موهبة تستمر في النجاح إذا صقلت بشكل صحيح». من جهته أوضح عبدالرحمن الحسين المذيع في القناة الإخبارية أن أسباب ضعف مهنية المذيعين تتلخص في عدة نقاط منها: «انعدام أجندة التدريب، شهوة الظهور العاجلة التي تصرف صاحبها إلى الاهتمام بالشكليات وإغفال المهنية، تخلي الإدارات التنفيذية في القنوات عن مسؤولياتها تجاه إلزام المذيعين بتطوير أنفسهم، وكذلك نظام الخدمة المدنية الذي لا يفرق بين مذيع مبدع وآخر سيئ، بل ربما هذا السيئ يحظى بمرتبة أعلى ومستحقات مادية أكثر» .