«نظرت إلى أحد زملائي المكفوفين الذي أراد أن يصافح معلم الفصل، فلم يستطع أن يصافحه إلا بعد أن اقترب منه المعلم وأمسك بيده»، بهذه الكلمات عبر أحد المخترعين عن مشاعره الإنسانية التي ترجمها إلى اختراع جهاز يساعد المكفوفين على التعايش مع المحيط الذي يعيشون فيه براحة وسلاسة. وحرك الألم والشعور بالمسؤولية الطالب الذي يدرس في الصف الأول المتوسط المخترع عبدالله خالد داود، إلى اختراع جهاز المكفوفين ليخلصهم من الاستعانة بالآخرين والاعتماد على أنفسهم في التنقل من مكان لآخر داخل محيط المنزل. وأوضح عبدالله ل «شمس»: «تأثرت كثيرا عندما رأيت بعض الطلاب المكفوفين لا يستطيعون التحكم بأنفسهم خلال تنقلهم في الممرات ما دفعني إلى ابتكار هذا الاختراع، وهو جهاز يعلق في حذاء المكفوف أو في أي مكان من جسمه، وينذر المكفوف إذا صادفه جدار، حيث يقرأ الجهاز لون الجدار الذي أمامه ثم يترجم الرموز سواء كانت رموزا أو ألوانا أو باركود، وعند قراءة الرمز يترجمه الجهاز إلى كلمات منطوقة عن طريق ناطق صوتي بالجهاز بحيث يستطيع الكفيف معرفة نوع الجدار الذي أمامه من خلال السمع». وبرمج المخترع عبدالله الجهاز حسب أقسام المنزل، حيث وضع لكل باب لونا معينا، فاللون الأبيض للجدار، واللون الأحمر لغرفة النوم، واللون الأزرق للحمام وهكذا، بحيث يستطيع المكفوف أن يتعايش في المكان الذي يعيش فيه براحة تامة، بعيدا عن الاستعانة بأي أحد من أهله ويسهل عليه الوصول إلى المكان المحدد. كما وفر المخترع إمكانية برمجة الجهاز وإضافة قراءات أخرى لأي مكان يتواجد فيه المكفوف، كالعمل مثلا أو المدرسة وغيرها، فيستطيع أي مكفوف أن يبرمج الجهاز بحسب الوسط الذي يعيش فيه. وأشار عبدالله إلى أنه يستعين ببعض المقاطع المنشورة على موقع يوتيوب مع بعض شروحاتها للاستفادة منها في تنفيذ آلية العمل: «وجدت تشجيعا من والدي ووصلت بحمد الله إلى هذه الاختراعات، وبداياتي في الاختراعات بدأت من الصف الثاني الابتدائي، وأتممت أول اختراع عندما كنت في الصف الخامس الابتدائي». وأوضح معلم الموهوبين بالمدرسة ثامر العتيبي، أن بعض الطلاب المكفوفين عنده القدرة الفائقة على حفظ الأماكن، فبمجرد أن تأخذه معك مرة واحدة لأي مكان فإمكانه أن يذهب إليه مرة أخرى وحده، وهؤلاء يطلق عليهم «الكفيف القيادي»، كما أن هناك بعض المكفوفين الآخرين ليس لديه القدرة على حفظ الأماكن بهذه السرعة فتجده يحتاج إلى من يرشده دوما: «المخترع عبدالله استوحى فكرة الاختراع من حال زملائه الطلاب الذين يراهم أمامه بشكل يومي ولا يستطيعون تحديد الأماكن إلا من خلال الاستعانة بزملائهم الآخرين»، مبينا أن دور المعلم يبدأ من رعاية الطالب المخترع وتوجيهه، ثم متابعة الطالب خطوة انتهاء بتسجيل اختراعه للحصول على براءة الاختراع .