بعد هجمات 11 سبتمبر، كان الناس في أمريكا يراقبون الطائرات. يراقبون ناطحات السحاب وكل ما حولهم عندما يكونون في أماكن مزدحمة: ملاعب البيسبول وحفلات التخرج واحتفالات رأس السنة. كانوا يراقبون كل رجل ملتح يركب طائرة أو قطارا، وكانوا يتعاملون بعصبية مع أي طرد أو حقيبة مشبوهة في سوق تجارية، وكانوا يترصدون أي تمتمة بالعربية في المطارات ومحطات القطارات. لقد انتقلت إلى العاصمة واشنطن بعد عام واحد من سقوط البرجين التوأمين. كان أصدقائي يرتادون قطار الأنفاق وهم متوترون، وكانوا بشكل عام يتصرفون كما لو أنهم يعيشون في وادي الموت. شعرنا كأننا نحمل الأهداف على ظهورنا، لقد كنا نفترض أنها مجرد مسألة وقت حتى تضرب القاعدة ضربتها المقبلة. بعد عشرة أعوام، لا نزال ننتظر. كان هناك الكثير من المخططات، وبالتأكيد أحبطت كلها بالعمل الاستخباري الجيد والشرطة المتيقظة، أو ببساطة: بالتوفيق الإلهي، وضربات الحظ أحيانا. كان هناك من زرع المتفجرات في حذائه، وآخرون في ملابسهم الداخلية، وكان هناك حادث محاولة تفجير ساحة التايمز بنيويورك، كما كانت هناك مخططات لم تستطع الوصول إلى الأهداف المنشودة. لكن تلك الضربات، التي بدت قادمة لا محالة في الشهور التي تلت هجمات 11 سبتمبر، لم تتحقق على ترابنا الأمريكي. وما بدا لنا أنه هجوم إرهابي مفتوح في حرب جديدة مهولة، لم يزد عن كونه حالة معزولة، لحظة عابرة بدت فيها القاعدة كأنها تنافس الفاشية والشيوعية في تهديد المدنيين الأمريكيين. وكان تقييم قابليات أسامة بن لادن أكثر بكثير من حقيقتها. والآن مات الرجل. هذا نصر لأمريكا ولجنودنا ولناشطينا في مجال الاستخبارات، كما هو كذلك للرئيس؛ لكنه ليس بالضبط النصر الذي كان سيتحقق لو أن بن لادن أسر قبل الأعوام العشرة التي تعلمنا خلالها أننا لسنا بحاجة إلى أن نخاف منه وجماعته مثلما كنا نخافهم في الفترة التي تلت تفجير البرجين. لقد تعلمنا الدرس الذي كان يعطيه لنا كل يوم يمر دون أن نتعرض للهجوم. تعلمنا ذلك مع مرور الوقت ومع تحول أنظارنا من مراقبة السماء وناطحات السحاب إلى الحياة العادية على الأرض. تعلمنا ذلك الدرس من هبوط الطائرات بأمان، واستمرار فتح الأسواق أبوابها، وتعاقب حفلات التخرج وبطولات البيسبول. * كاتب في صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية