أصبح للأمريكيين يوم آخر وهو 11 سبتمبر، ينافس يوم عيد الاستقلال مع اختلاف مشاعر الفرح والحزن بين هذين اليومين، فالأول بمثابة يوم الرعب والخوف الأمريكي الذي عم الولاياتالمتحدةالأمريكية في حادث قل نظيره في التاريخ، أما الثاني فهو يوم الحرية والاستقلال. في يوم 11 سبتمبر يجتمع الأمريكيون كل سنة في ساحة «جراوند زيرو» موقع برجي مركز التجارة العالمي اللذين استهدفا بطائرتين انتحاريتين، وتقام مراسم تأبينية في السنة الثامنة لذكرى اليوم الأسود، إذ تجري تلاوة أسماء ضحايا هذا الهجوم والذي يبلغ عددهم وفق الإحصاءات الأمريكية الرسمية 2752 شخصا. ويقف الجميع دقائق صمت في الوقت الذي صدمت الطائرة الأولى البرج الأول، ومن ثم في الوقت الذي صدمت الطائرة الثانية البرج الثاني وهو حوالى 18 دقيقة، وأخيرا في موعد انهيار البرج الأول ومن ثم البرج الثاني. وبعد ذلك يتولى أقرباء للضحايا ومتطوعين تلاوة اسمائهم. وفي المساء يضيء الحضور 88 مشعلا تكريما لذكرى عمليات الإغاثة. وما يثير غضب الأمريكيين، هو استمرار آثار هذا الاعتداء في موقع البرجين، وهذا الدمار يهيج الذاكرة الأمريكية ويعيدها إلى أيام الرعب، فالورش المكلفة بإعادة الإعمار ما تزال مشلولة، فيما تتعهد سلطات المدينة بشكل متكرر بإعادة بناء المركز وفق مشروع كانت مخططاته الأكثر طموحا تتضمن خمس ناطحات سحاب ونصبا تذكاريا ومحطة قطارات. لكن لم يظهر حتى الآن على الأرض، ما يمكن أن يؤشر إلى تقدم الأعمال. ويشعر العديد من الأمريكيين ب «العار» لأنهم من نيويورك، لما يشكل البطء في الإعمار من استياء بالغ في أنفسهم. وفي الشهر الماضي أشارت الصحافة الأمريكية إلى أن التأخير في إعادة البناء يفوق كل التوقعات، وأنه لن يبقى من المشروع الأساس المؤلف من خمسة أبراج، والذي كان من المقرر إطلاق اسم «برج الحرية» على أحدها ليكون رمزا لروح نيويورك، سوى برجين سيجري إنجازهما عام 2036. صحيح أن برجي التجارة العالميين يشكلان ناطحتي السحاب بطبقاتهما المائة وسبع، مما يجعل مهمة محو آثار الدمار صعبة، إلا أن استمراره يشكل ناقوسا وأطلالا قاسية على حياة هذا البلد.