ممتعة بقدر ما هي مرهقة للأعصاب! أنهيتها في ثلاث ساعات آملا أن أنتهي من عذاباتها. في الرواية لبنان هو أرض التعايش رغم الطائفية. تماما كما الواقع في الرواية تحل المصيبة فجأة وتتغير حيواتنا فجأة، وأخيرا فيها الفرج أيضا يأتي فجأة.. مثلما هو في الواقع قطعا أوصي بقراءتها. أثير النشمي ما أحوج اللبنانيين اليوم إلى قراءة رواية كهذه. ولو كان بيدي الأمر، لوزعت نسخة من هذه الرواية لكل عائلة لبنانية. فقراءة هذه الرواية ستصل بالقارئ إلى استنتاج أن العذاب والألم لن يفرق بين مسيحي ودرزي أو سني وشيعي. بطل القصة هو بائع البيض حنا الذي يقوده حظه العاثر فجر أحد الأيام إلى رحلة طويلة من السجن والعذاب بعد أن تم خداعه واستبداله بدرزي كان من ضمن مجموعة من الدروز المحكوم عليهم بالنفي والإبعاد إلى البلقان بعد فتنة جبل لبنان في القرن ال 19. وفي رحلة السجن والمنفى يضطر حنا إلى ادعاء أنه درزي ويتعامل معه باقي الدروز المنفيين بنوع من الحقد والكره إلا أن المشاعر تتغير والعذاب المشترك يحولهم إلى إخوة. دروز بلجراد هي أول تجاربي مع ربيع جابر وحتما لن تكون آخر تجربة. فأسلوب ربيع بسيط وسلس من دون تعقيد ولا فلسفة لغوية زائدة. هو كتاب سهل الهضم ستشدك القصة من الصفحة الأولى وحتى النهاية حتى ولو كنت تقرؤه قبل النوم وأنت تغالب النعاس. Assem Salih لا يفتأ ربيع جابر يذهلني بقدرته على كتابة الروايات، كأنما هو مصاب بإسهال لغوي لا علاج له، أحب ربيع ولذلك أشعر بأن كلامه دائما جديد بل أشعر بحقد دفين دافئ نحو كتابته. كيف يستطيع أن يكتب كل هذا؟ يسترسل ببساطة مقنعة في وصف الأحداث وطريقة سلق الرز وتقطيع الملابس وصدأ حديد السجن وأحلام نوم الشخصيات لدرجة تقنعك أنه كان هناك، فلنترك التساؤل الأهم «هل حصل هذا؟» فهو لا يترك لك مجالا للاعتقاد أنه حصل، فمن غير الممكن أن يكون الاهتمام بكل هذه التفاصيل لقصة لم تحدث! القصة تتبع قصة نفي مجموعة من الدروز من لبنان بسبب مشاركتهم في أحداث القتل التي حصلت بين الدروز والمسيحيين في أواخر القرن ال 19. ليست قصة حزينة ولا سعيدة، هي قصة حياة. هذه رواية جيدة، سريعة، ومسلية مع جرعة حزن إنساني ضرورية جدا، من كاتب سيكسب نوبل في يوم من الأيام، وتذكروا ما أقول لكم! Saleem Khashan