في بلد كأمريكا، قد لا يتبادر إلى ذهنك أن الناس يخجلون مما يقرؤون حين يتعلق الأمر بالروايات العاطفية، فالانطباع السائد عن الأمريكيين أنهم شعب ينشغل أفراده بأنفسهم ولا يحشرون أنوفهم في خصوصيات الآخرين استنادا إلى هامش واسع من الحرية الشخصية، لكن دراسة استقصائية نشرت أخيرا تشير إلى أن الأمريكيين يفضلون شراء الروايات العاطفية بنسخها الإلكترونية على اقتناء النسخة الورقية تجنبا للإحراج الذي قد يسببه عنوان فاضح أو صورة خادشة. بدأ هذا النوع الأدبي من الرواية العاطفية في ثمانينيات القرن الماضي وتطور من سرد حالم يتناول أحداثا وشخصيات من الماضي إلى رواية عصرية مبنية على حبكة درامية لا تستبعد الزج بشخصيات حية في طياتها. واعتمادا على نتائج الدراسة، يبدو أن الشبكة العنكبوتية أسدت خدمة جليلة للأمريكيين بمنحهم مساحة هائلة من الخصوصية في اختيار المحتوى الرقمي دون مراقبة من المحيط الشخصي للمستخدم، فالدراسة تشير بوضوح إلى أن الدافع الرئيس للإقبال المتزايد على الروايات الإلكترونية ذات المحتوى العاطفي يكمن في الخجل الذي يشعر به القارئ «المشتري» من كشف ميوله القرائية أمام أسرته وأصدقائه عندما يختار كتابا ورقيا يصعب إخفاؤه عن بائع الكتاب مثلا أو عن صديق زائر يتصفح المكتبة الشخصية. وهذا ما تؤكده إحدى المسؤولات في موقع «كل الرومانسية»: «فمن السهل شراء عناوين خادشة للحياء عن طريق بائع على الإنترنت مقارنة بالمكتبة التي ربما تصادف بها قسيسك أو جارك أو صديقا قديما، ومن السهل أيضا إخفاء الكتاب عن حتى الزوج أو الزوجة». ومن هذا المنطلق، بدأت دار بارنز آند نوبل للنشر وهي الأكبر في أمريكا، في خطوات جادة لقراء هذا النوع الأدبي مع استحواذها على 25 % من سوق الكتب العاطفية الإلكتروني، ويتوقع وليام لينش، أحد المسؤولين في الدار، أن العام المقبل سيشهد تفوقا للمبيعات الإلكترونية على الورقية. وتشير الإحصاءات التي رصدها موقع «سورس بوك» إلى أن مبيعات الرواية العاطفية الإلكترونية قفزت من 8 % في الربع الأول من العام الماضي إلى 27 % في الربع الثالث، على اعتبار أن مجمل المبيعات الإلكترونية يبلغ نحو 10 % من سوق النشر. الزخم الذي اتسمت به المبيعات أرغم أصحاب المحال الموزعة للرواية العاطفية على تقليص عدد الأرفف المخصصة لها، وسط تخوف من مصير النسخة الورقية. ونتيجة لذلك توجهت دار راندم هاوس – مثلا – إلى تحويل عناوينها العاطفية الماضية النافذة من الأسواق إلى محتوى إلكتروني «أكثر من عشرة آلاف عنوان» لاستقطاب عدد لا يستهان به من القراء الجدد المخلصين. والواضح من هذه الإحصاءات أن الكتاب العاطفي يقود عملية الشراء الإلكتروني، وهو يدفع بعض الناشرين إلى توقع عودة الشعبية لهذا النوع من الروايات، ولا سيما أن تسعة آلاف عنوان حققت عائدا تجاوز مليار دولار، بحسب مؤسسة إحصائية متخصصة، وهو ما يشير إلى أن نحو 75 مليون شخص قرؤوا على الأقل رواية عاطفية واحدة في عام 2008، الأمر الذي يجعل الرواية العاطفية النوع الأدبي الأكثر شعبية في أمريكا. ووجدت الدراسة أن النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 31 و49 سنة هن الأكثر إقبالا على هذا النوع من الروايات، والغريب أن معظمهن يعشن علاقات عاطفية حقيقية، كما أشارت الدراسة، وهو ما يفتح المجال أمام دراسات أخرى متعمقة في علوم النفس والاجتماع.