في أميركا خصوصا وفي الغرب عموما هناك مؤشرات تفيد بأن سوق النشر ستشهد ثورة إلكترونية من نوع جديد بفضل جهاز الآيباد الذي يعتبر الأحدث على صعيد الصناعات التكنولوجية. أهمية الآيباد بالنسبة لسوق النشر تتمثل في كونه وسيلة لشراء وتخزين آلاف الكتب. أما النقلة النوعية التي وفرها الآيباد على هذا الصعيد فتتمثل في المزايا والنظم المتطورة لعرض الكتاب. من هذه المزايا المتطورة على سبيل المثال قدرة القارئ على ممارسة التخطيط والتهميش تماما كما يمكن أن يفعله مع أي كتاب ورقي عادي. وهنا يكمن الفارق الكبير بين الكتب المتوفرة على جهاز الآيباد وبين تلك التي تقوم بعض مواقع الإنترنت ببيعها أو عرضها ولكن في شكل بدائي لا يتيح للقارئ سوى جزء بسيط من المزايا التي يمنحه إياها الكتاب التقليدي أو الورقي. دور النشر في الولاياتالمتحدة وفي الغرب عموما تفطنت سريعا لجدوى استثمار هذا الاختراع في دعم وتوسيع قاعدة عملها. وعليه فقد أصبحت هذه الدور تهتم بتوفير نسخ ورقية وأخرى مطبوعة على الآيباد من كل كتاب تقوم بإنتاجه. المؤشرات تقول حتى الآن بنجاح التجربة نظرا لتوفر القارئ الإلكتروني أو المستعد للقراءة الإلكترونية من جهة، ونظرا لانخفاض سعر الكتاب المنشور على الآيباد من جهة أخرى بسبب حسم سعر الورق من النسخة المقدمة على الآيباد. لكن وبعيدا عن النجاح التجاري الذي سيتسبب في حدوث أكبر نقلة نوعية في سوق النشر، فهل سيساهم عصر الآيباد في ظهور قارئ جديد يحمل مواصفات مختلفة عن مواصفات القارئ القديم؟! في رأيي أن القارئ الجديد بدأ فعلا بالظهور منذ ثورة الإنترنت والأقمار الصناعية. وأعتقد أن أهم خصائص هذا القارئ تتجلى في ميله للاستسهال والاختزال والتسطيح، لأنه تعود على أن يحصل على أي شيء يريده بمجرد كبسة زر. وما انتشار روايات الكاتب البرازيلي باولو كويلو الفقيرة فنيا والتي تعتمد على تسويق الأمل الذي يصل إلى مرحلة الوهم، إلا دليل على ذلك. ومع جهاز الآيباد فإنني أعتقد بأن القارئ لن يقف عند حدود هذه الخصائص ولكنه سيتجاوزها إلى ما هو أسوأ. يكفي فقط أن نعرف بأن القارئ سيفقد العلاقة العاطفية التي كانت تجمعه بالكتاب الورقي، لنستشرف ما هو أسوأ. إنها حتما نقلة كبيرة، ولكن إلى الوراء.