قبل عدة سنوات اضطر أحد الأصدقاء إلى استدعاء أحد محارم زوجته من منطقة بعيدة لإكمال نصاب الشهادة معه لإثبات شخصيتها عند كاتب العدل من أجل إصدار وكالة شرعية منها لطرف آخر، وكانت المهمة صعبة وشاقة، ولو كان هناك قسم نسائي أو بطاقة بصمة لكانت المهمة سهلة وبسيطة على النساء. وبالأمس قرأت خبرا عن حملة «بلدي» التي أطلقتها مجموعة من السيدات للمطالبة بحقوقهن في التصويت لترشيح أعضاء المجالس البلدية، وأمام هاتين الواقعتين أشعر بمفارقة كبيرة بين ما يجب أن تطالب به المرأة وما تطالب به فعلا، فهي تكاد تغفل الحقوق التي تلامس احتياجاتها وتؤثر على حياتها وتذهب لما هو أبعد، ما يجعلنا نشك أن المرأة أحيانا تبحث عن حضور إعلامي وتسجيل موقف اجتماعي كأنها تريد أن تقول إنني هنا فقط. لو كانت المرأة تتفهم أولوياتها جيدا لما تجاوزت إلى مطالبة أخرى دون أن تحقق التي قبلها، فمثلا حملتها «كفاية إحراج» الرامية إلى تأنيث معارض المستلزمات النسائية توقفت دون أن تحقق نتائج ملموسة، وهناك مطالب كثيرة للمرأة وضرورية دخلت حيز النسيان أولى من مطالبتها بأن تكون ناخبة في تجربة لم تنضج بعد ولم تكتمل متطلبات المشاركة النسائية فيها. يجب على المرأة أن ترتب أولويات احتياجاتها في الحياة العامة وتطالب بحقوقها الشرعية التي صودرت بخطأ التطبيق، ولا تقفز عليها من أجل تسجيل موقف أو كسب جولة إعلامية لا تقدم أو تؤخر لأنها في الوقت الذي تطالب فيه ببطاقة ناخب لا تستطيع أن تثبت شخصيتها حتى وإن كانت معها بطاقة هوية في الدوائر الشرعية إلا أن تأتي معها باثنين من محارمها ليؤكدا أنها هي بلحمها وشحمها.