على الرغم من الصدى الذي تجده «التجمعات الإلكترونية» لبعض الخريجين للمطالبة بتوظيفهم، ولو جزئيا، من قبل الجهات المعنية التي تبدي تفاعلها هي الأخرى بشكل أو بآخر، إلا أن خريجي المعاهد الصحية كان لهم رأي آخر في «حملتهم الإلكترونية» التي وصفوها ب«غير الناجحة» بعد أن فشلت في تحقيق الاستجابة المرجوة كما يقولون في لفت انتباه القطاع الحكومي الصحي لمعاناتهم، وهو ما دفعهم إلى التفكير في بدائل أخرى للمطالبة بحقهم في التوظيف في ظل وجود حاجة إلى تخصصاتهم. وذكر عدد من الخريجين ل«شمس» أنهم أمضوا سنوات من عمرهم في الدراسة والتحصيل وحصلوا على تراخيص من «التخصصات الصحية»، إلا أن المفاجأة كانت في تهميشهم. وقال تركي العتيبي «دبلوم فني أشعة» إنهم رفعوا معاملتهم إلى مجلس الوزراء برقم 23239 وخضعت للإجراءات النظامية، ثم وجهت بعد ذلك الجهات المختصة منها وزارة الصحة «بتوظيفهم» وإلى هيئة التخصصات «تنزيل الرسوم الدراسية» وإلى وزارة التعليم العالي «فتح الابتعاث» لهم، ولكن تحفظت تلك الجهات على المعاملة ولم يتم تنفيذها. وأضاف أنهم يريدون أن يصل صوتهم إلى الجهات المختصة بعدما زادت عليهم الضغوط «نحن درسنا وتخرجنا ولدينا القدرة على العمل في القطاع الصحي مثلنا مثل غيرنا لكن نحتاج إلى فرصة». وأيده زميله أحمد الشمري «دبلوم تخدير» الذي أكد أنه لم يجن من تخرجه من أحد المعاهد الصحية سوى الخسارة المادية والنفسية: «لو علمت أن العامين ونصف العام التي درست فيها ستؤهلني للانضمام إلى فريق لما أرهقت عائلتي بدفع أكثر من 50 ألف ريال ما زالت دينا علينا لم نفرغ بعد من تسديدها». أما ماجد الفاهمي «دبلوم تمريض» فذكر أنه كاد ينسى ما درسه بسبب جلوسه بلا عمل: «لا قطاعا حكوميا ولا خاصا رحب بنا» وحمل موسى الذبياني وزارة الصحة مسؤولية ما يحدث لهم، فهي تدعي أنه لا توجد وظائف، ولكن في الوقت نفسه نسمع ونقرأ أنها تستقطب الآلاف من العمالة الأجنبية للعمل ممرضين وفنيي أشعة وتخدير أو صيدلة أو غيرها من التخصصات الصحية: «دفعت أكثر من 60 ألف ريال نفقات الدراسة في معهد صحي خاص وتخرجت وحصلت على ترخيص من التخصصات الصحية، لكن كل ذلك لم يشفع لي بالحصول على عمل رغم قناعتي التامة بأنني لا أقل كفاءة عن الذين استقدموا من الخارج، والذين تدربوا وتعلموا وطوروا أنفسهم هنا». واستغرب مطر عبدالعزيز المطيري أن تقول وزارة الصحة إن لديها أزمة على مستوى التمريض وتحتاج إلى ممرضين سعوديين، لكن بقاءنا في بيتنا بلا عمل طوال أربعة أعوام يقول عكس ذلك! واستطرد: «لا أعلم لماذا أعطوا المعاهد الصحية الخاصة تراخيص بتخريج ممرضين؟ ولا أعلم لماذا لا تعطى لنا الفرصة للعمل؟». وذكر أنه حصل بعد جهد على وظيفة صحية في شركة صناعية تبعد عن جدة 180 كيلومترا وراتبها 2600 ريال، لكنه مع ذلك يواجه ضغوطا في العمل بزيادة ساعات عمله دون مقابل، وغيرها من الوسائل الأخرى التي يبدو أنها تهدف إلى تطفيشه كما يعتقد. «شمس» حاولت الحصول على تعليق من وزارتي الصحة والخدمة المدنية، إلا أنهما لم تردا، لكن مصدرا خاصا في وزارة الصحة أكد ل«شمس» أن توظيف خريجي المعاهد الصحية الحكومية والخاصة ليس مسؤوليتهم فقط، بل أيضا وزارة الخدمة المدنية: «المستشفيات الحكومية إن احتاجت إلى كادر صحي، فإن التنسيق يتم عن طريق الخدمة المدنية ووزارة الصحة وقطاعات حكومية أخرى». أما عن التوظيف في القطاع الصحي الخاص، فأشار إلى أنه مسؤولية الجهات التي تتبع له. يذكر أن الأمين العام للهيئة السعودية للتخصصات الصحية الدكتور عبدالعزيز الصائغ، أكد في تصريحات صحفية في نهاية يناير الماضي عن تكوين لجنة مشكلة من الهيئة وملاك المعاهد الصحية للنظر في سبل التطوير سعيا لتخريج دفعات من الطلاب والطالبات مؤهلين تأهيلا عاليا يتناسب مع ما وصلت إليه الخدمات الصحية في المملكة من تقدم وتطور، وذلك من منطلق أن الطرفين شريكان في عملية تطوير وتحسين جودة مخرجاتها، الأمر الذي سينعكس على تقديم خدمات صحية كاملة وآمنة، وكذلك تحقيق فرص عمل للخريجين. وكشف خلال اجتماع عقده مع ملاك المعاهد الصحية بحضور مساعديه ومدير المعاهد الصحية بالهيئة، أن الهيئة ستكون صارمة جدا في تطبيق اللوائح والقوانين الخاصة بتنظيم المعاهد وضد جميع المعاهد المخالفة، مبينا أن الهيئة هيئة علمية مهنية مستقلة استقلالا تاما. وأوضح أن الهيئة إضافة إلى المناهج الموحدة التي اعتمدتها لا تمانع في إضافة مناهج خاصة لكل معهد وستعتمدها إذا ما رأت أنها ستزيد مهارات الطلاب وتحقق الفائدة المرجوة. وأكد ملاك المعاهد الصحية وجود جملة من الموضوعات، أبرزها النظر في تفعيل دور المستشفيات الحكومية والخاصة لاستيعاب الخريجين سواء للتدريب أو التوظيف، والمطالبة بصياغة جديدة للائحة العامة للمعاهد الصحية بمشاركة ملاك المعاهد مع المتخصصين من الهيئة .