من سنن الكون التي سنها الله تعالى انبهار المغلوب بالغالب وتقليده، بل تذهب الفئة الجاهلة الضحلة من تلك الأمة المغلوبة إلى التقليد الأعمى في كل حسن وقبيح، ضار ونافع، بناء وهدام يصدر عن الأمة الغالبة. آخر «إبداعات» الإعلام العربي الخاص ما استوردته إحدى القنوات التي يملأ ضجيجها الفضاء العربي، وهو برنامج أمريكي سبق أن تناولته في هذه الزاوية وهو THE MOMENT OF TRUTH أو «لحظة الحقيقة» فترجمته بحذافيره واستضافت ضيوفا أقل ما يقال عنهم إن الجشع وحب المال أعماهم عن هويتهم وأخلاقهم، فراحوا يجيبون بكل بلاهة ودموع تماسيح عن أسئلة هي من صميم حياتهم الخاصة، وكل ذلك من أجل حفنة مال. حقيقة تشعر بالخجل من الوضع الذي وصل ببعض القنوات الفضائية الخاصة والتي صار همها الأول والأخير جمع الملايين بغض النظر عن الهوية وسلوكيات الناس التي تتأثر بما يبث على مدار الساعة، ضاربة بمسؤوليتها الاجتماعية عرض الحائط، إذ إنها لابد أن تسعى للكسب وهذا مفهوم، لكن أن يكون ذلك على حساب قيم وأصالة المجتمع الذي تدعي أنها منه وإليه فهذه هي الكارثة. لماذا لا تتعلم هذه القناة من أوبرا وينفري إذا كانت مبهورة بالبرامج الأمريكية إلى هذا الحد؟ إنك لتجبر أن تحترم كثيرا مما تطرحه وتقدمه هذه الإعلامية إلى المحرومين، والمنكوبين من الكوارث، والفقراء والمرضى من هبات ومساعدات ودعم، بل ومن كرم سخي إلى جمهورها في الاستديو. بالطبع هي تجني الملايين من الإعلانات وحقوق البث وبيع البرنامج إلى قنوات دولية كثيرة، لكنها أيضا تفكر بالمجتمع وتتحمل مسؤوليتها الاجتماعية وتقدم لمن هم بحاجة إلى مد يد العون مساعداتها السخية، فأين هذه القنوات التي تملأ فضاءنا العربي بالضجيج والصخب بل - واعذروني على هذه الكلمة – بالنعيق والنباح وأخرى تزيد على ذلك بالتقليد المقرف الممسوخ!!