منذ عصر النهضة وحتى يومنا الراهن، يتحفنا العلم كل يوم بجديد يتجاوز حدود الخيال والمعقول، حتى إن الغرب بمنطقه المادي المعرفي بات يستخدم مصطلح «آلة العلم» للدلالة على قوة المنجز، وكثيرا ما ثارت الصراعات بين رجال الدين الغربيين والعلماء حول هذه المسائل. ومن هنا ينطلق فيلم «بلا حدود» ليستلهم فكرة جديدة عن قوة العلم واكتشافاته واختراعاته، وليضعنا أمام السؤال: هل سيوجد دواء يمكنه أن يبتكر «الإنسان الكامل الخارق» الذي لا يقهر بقوة عقله؟ وإذا وجد هذا الدواء كيف سيكون حال البشر؟ وهل يمكن لمستحضر سحري أن يغير مستقبل الشخص ويضمن له النجاح في حياته؟ عقار المجد تدور أحداث القصة حول شخصية المؤلف والكاتب «إدي مورا» الذي يعيش في مدينة نيويورك، وهو شخص بائس بسبب خلافه مع صديقته «ليندي» ومرد بؤسه وضعه المهني الفاشل، بالإضافة إلى عجزه عن الوفاء بالموعد النهائي لتسليم كتابه الجديد الذي لم يكتب بعد! كل هذا يدفعه لتجريب الطرق الملتوية للوصول إلى الإبداع السحري، فيجرب حبوبا دوائية قيد الاختبار يعطيها له أخو زوجته السابقة «فيرنون» الذي يزعم أنها تساعد على زيادة التركيز وانطلاق الثقة والإبداع. ومن هنا تحدث المفاجأة مع هذه الحبوب المسماة «NZT 48» فحين يذهب «إدي» لمنزل فيرنون للتزود بحبوب إضافية يجده مقتولا، ويستحوذ على كمية من هذه الحبوب ومبلغ من المال يقرر أن يستخدمه في البورصة حيث سيكون المنعطف الدرامي بالأحداث، إذ سيظهر تأثير هذا الدواء الخارق الذي يسمح له باستخدام 100 % من قوة عقله، وسيغدو كل شيء سبق أن قرأه أو سمعه أو شاهده إيدي منظم ومتاح له تذكره على الفور. وهكذا يتحول من إنسان فاشل إلى رجل أعمال ناجح، وفي قمة هرم عالم المال، وهو ما يلفت انتباه رجل الأعمال «كارل فان لون» الذي يرى هذه النسخة المطورة من إيدي كأداة لربح المليارات. وهكذا ستتلاحق الأحداث وتتسارع مع تضاؤل كمية الدواء وظهور قاتل يريد القضاء عليه للحصول على هذا العلاج، حيث يسعى «إيدي» لإنتاج هذا الدواء، خصوصا بعد دخوله معترك السياسة ليترشح لانتخابات مجلس الشيوخ الأمريكي، لكن مصنعه يغلق بلعبة من «كارل» توقعه بين براثنه لتنفيذ أجندات هذا الأخير، وهكذا يحسم الصراع بعودة إيدي إلى رشده، وإدراكه بأنه ليس بحاجة لأي شيء حتى يبلغ المجد ما دام يمتلك العزيمة والإصرار. الفكرة بين عالم الأدب والسينما الفيلم في الأصل مأخوذ عن أصل روائي يحمل عنوان «الحقول المظلمة» للكاتب الأمريكي الشهير «آلان جلين»، وكان من المقرر أن يحمل الفيلم نفس عنوان الرواية كما أعلن صانعوه، لكنهم غيروا ذلك قبل التسويق بأشهر قليلة، حيث قدم السيناريو السيناريست الشهير «ليزلي ديكسون» الذي كتب سابقا أفلاما ناجحة، والذي صاغ بنفسه سيناريو «بلا حدود» بتتبع لتفاصيل الرواية الرئيسية معتمدا على الفكرة القائلة «إن الإنسان لا يستخدم سوى ما نسبته 20 % من قدرة خلاياه الدماغية» التي أثبت العلم عدم صحتها، لكن بالتركيز على الإغراق بالإثارة والحدث التشويقي ونفسية الشخصية الرئيسية، وهو ما عززته رؤية المخرج المبدع «نيل بيرغر» الذي يؤكد مقدرته الإبداعية في إبهار الصورة وفلسفتها وباستخدام الكاميرا وزوايا التصوير وكادراته، حيث اللقطات الواسعة المبهرة في مشاهد مطاردات السيارات، وباستخدام مدروس للمؤثرات البصرية، بينما استخدم اللقطات القريبة للتركيز على التبدلات في مستويات الشخصية، وبتغليف مدروس من موسيقى تصويرية وضعها الملحن «بول ليونارد مورجان» تتلاءم مع الحدث الدرامي وتصاعده، وباعتماد كلي على كاريزما اثنين من كبار الممثلين، العملاق «روبرت دينيرو»، والنجم الشاب «برادلي كوبر». فيلم «بلا حدود» بحث جديد في مقاربات العلم وتطوره، يحسم بأن الإرادة البشرية هي الأساس، وما العلم وإنجازاته إلا وسيلة لتحسين الحياة ومستلزماتها. من كواليس الفيلم: أخطاء علمية: يبني الفيلم أحداثه على فرضية تناقلها عوام الناس مفادها أننا كبشر نستخدم فقط 20 % من قدرة خلايانا الدماغية، لكن علم الكيمياء العصبية يؤكد أن الإنسان يستعمل قدرات خلاياه الدماغية بالكامل. عندما يتعرض «ايدي مورا» للاعتداء في شقته، يظهر وهو ملقى على الأرض، وتظهر بقع من الدم على الجانب الأيمن من القميص الذي يرتديه. وفي مشاهد لاحقة، تظهر البقع على الجهة اليسرى من قميص ايدي مورا