أظهر بحث تابع لوزارة الشؤون الاجتماعية، أن نسبة 75 % من المجتمع، خائفون من «عين الحسود»، في وقت أبرز باحث آخر أن نحو 4 % من المرضى المتواجدين في المستشفيات نتيجة إصابتهم بالعين والحسد. وباتت العين، هاجسا يقلق الكثير من الأهالي، في وقت انتشرت الشائعات وتزايدت المخاوف. ويعتقد الشاب سلطان محمد الهذلي أن الإصابة بالعين الحاسدة حقيقة لا يستطيع أحد إنكارها: «لأنها موجودة بكثرة والسبب يعود إلى غياب الوعي الديني، والركض وراء الماديات والنظر إلى الغير بعين فارغة غير قنوعة ولا شاكرة لما آتاها الله من فضله». حدد الاختصاصي الاجتماعي بوزارة الشؤون الاجتماعية جابر الفاهمي نسبة لا تقل عن 75 % من المجتمع السعودي يخشون الإصابة بالعين والحسد، سواء كان ذكورا أو إناثا، ولا بد من تكثيف البرامج التوعوية لتثقيف وتوعية المجتمع بأن ليس جميع الأمراض التي يعانون منها أو تصيبهم هي نتيجة العين والحسد، كذلك تقديم البرامج التوعوية للمرضى، وذلك بإعداد مواد توعوية عن الإصابة بالعين والحسد وتوزيعها على المرضى وأفراد عائلاتهم والعامة، وكذلك إقامة حملات صحية توعوية وتنسيقها عبر وسائل الإعلام. ويؤكد الباحث الصحي والاجتماعي جمعة الخياط أن هناك 4 % من المرضى المتواجدين في المستشفيات، مصابون بالعين والحسد، مشيرا إلى أن مرض الصرع يعتبر من أكثر الأمراض النفسية التي يفسرها عامة المجتمع بالعين والحسد. من جانبه أشار أستاذ العقيدة بجامعة أم القرى سابقا الدكتور أحمد بناني، إلى أن العين حق وورد أنها تدخل الرجل القبر والجمل القدر حيث ثبت من حديث جابر وأبي ذر رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العين تدخل الرجل القبر، وتدخل الجمل القدر»، مشيرا إلى أن العين من عمل الشيطان وسهم من سهام إبليس فإذا رأى الإنسان ما يعجبه ولم يذكر اسم الله فإن الشيطان يصبغه ويصاب الشخص الآخر بالعين، فهذا الأمر حقيقي ومعروف ومجرب، فينبغي على الشخص أن يذكر المعوذات والأذكار صباح مساء فبإذن الله تعالى لن يصيبه شيء». ويرى الدكتور بناني أنه إذا تأكد الشخص من الشخص الذي عانه أو أصابه بالعين، فيطلب منه الاغتسال أي الوضوء في إناء، ويصب على الرجل الذي أصيب بالعين فيبرأ من العين بإذن الله. ويعود الشاب سلطان الهذلي ليشير إلى أنه يعرف طفلا في السابعة من عمره: «أتى به والده بعد تعرضه لورم في وجهه، وكان ورمه بحجم كبير ومن الأورام غير الحميدة، كما أكد ذلك الأطباء المباشرون لحالته، الأمر الذي جعلهم يذهبون لأحد المشايخ والرقاة الشرعيين، حيث وضع الشيخ يده على الورم وبدأ يقرأ عليه الرقية الشرعية، وفوجئ أنه كلما كرر الرقية الشرعية انخفض ورم الطفل حتى تصاغر بأمر الله وكرمه، وأصبح بحجم البيضة الصغيرة، وبعد انتهاء الرقية منحه زيت زيتون وماء تليت عليه آيات من الذكر الحكيم، وبعد مرور الشهر، أبلغ والد الطفل أن ابنه ولله الحمد لا يعاني من شيء، وأن فحوصاته سليمة وقد برئ تماما ولله الحمد والفضل». ويرى الشاب عمر محمد أن الخوف الشديد من الإصابة بالعين والحسد صفة عامة، يشترك فيها جميع أفراد المجتمع، حيث إن الغالبية العظمي منهم يفسرون ما يتعرضون له من أمراض أو خيبات أمل، وفق ذلك الأساس على أنه عين وحسد، ولكن نحن نؤمن أن الكثير من الأمراض والإعاقات الجسدية سببها العين. وأشار إلى أن: «أحد أصدقائي في العشرينيات من عمره معروف عنه أنه وسيم وأنيق الشكل، فحضر زواجا لأقاربه، وارتدى أفضل ثوب، وفي الزواج لم يغض أحد الطرف عنه، أو يرددوا ما شاء الله، بل استغربوا من جماله، وبعد الزواج مباشرة خرج الشاب من قصر الأفراح، لتطفح على يديه حبوب سوداء غريبة، فظن في البداية أنها حساسية فقط، لكن الحساسية زادت وأصبحت بقعا كبيرة، وبدأ يتألم جسمه من هذه الحبوب، ليراجع المستشفى، وهناك أوضحوا أنه مصاب بالسرطان من النوع الخبيث، وبدأ في التداوي بالمواد الكيماوية، لكن العين كانت قوية، ليتم بتر يده التي أصيبت، ويتوفى بعد أسبوع من البتر». وتعرف أم خالد أن العين حق: «لكننا مع ذلك نخشى من إصابتنا أو فلذات الأكباد بها، لذا تجدنا نقوم بتحصين أنفسنا بالأذكار والأدعية لخوفنا الشديد من الإصابة بالعين، فكم من أشخاص وافاهم الأجل والسبب العين، وكم من أشخاص أصيبوا بالأمراض والشلل والفشل دراسيا واجتماعيا والسبب واحد، وهو العين والحسد، وإحدى قريباتي تدرس في الصف الثالث الثانوي، وكانت من ضمن المتفوقات في دراستها، وحصلت على المركز الأول على فصلها، ومدرستها، ومنطقتها، وكرمت من قبل المديرة وإدارة التربية والتعليم أمام جمع كبير من المعلمات ومديرات المدارس والموجهات والطالبات، وأخذت المديرة تتكلم عن نشاطها واجتهادها وأنها فتاة لا مثيل لها، وبعد ذلك الاحتفال التكريمي، وبعد أن تم مدحها في التكريم، أصيبت بانهيار عصبي، حيث أخذت تمزق الكتب والدفاتر وترمي بأغراضها في كل مكان ولا تحب المذاكرة، ولا ترغب في دخول الامتحانات مهما حصل، وفي النهاية ساءت حالة الفتاة وأصيبت بشلل نصفي، وأدخلت المستشفى أيام الامتحانات النهائية، وهي الآن تعيش مشلولة ولا تتحرك أبدا». ويبين الممثل والمنسق الأعلى للمركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي في المملكة المحامي بدر بن فرحان الروقي، أنه من الصعب معاقبة العاين لصعوبة إثبات الأدلة عليه، حتى لو تم جلب شاهدين عدلين يسهل على العاين أن يطعن في شهادتهما، مؤكدا في الوقت ذاته أن لا عقاب للعائن