نشهد هذا العام تقلبات مناخية مفاجئة على منطقة الخليج العربي حيث تعرضت المنطقة للعاصفة الرملية الثانية خلال بضعة أشهر والتي هبت فجأة قبل أيام، فنام سكان منطقة الرياض والمنطقة الشرقية أثناء ذروتها واستيقظوا على آثار هبوبها وبقايا تلوثها. بعد هبوب العاصفة واشتدادها بساعات أعلنت وزارة التربية والتعليم عن تعليق الدراسة في كل من الرياض والمنطقة الشرقية بناء على تحذير الدفاع المدني والرئاسة العامة لحماية البيئة والأرصاد التي حذرت «أخيرا» من وقوع العاصفة ومن مغبة الخروج أثناءها. مما لا شك فيه أن تعليق الدراسة في المنطقتين كان قرارا حكيما، فالعاصفة لم تكن مجرد موجة من الغبار الخفيف كالذي أعتدنا استنشاقه بين الحين والآخر في الفترة الأخيرة، بل كانت عاصفة عاتية أودت ولا تزال بمئات المواطنين والمقيمين إلى أقسام الطوارئ في مستشفيات العاصمة وما جاورها من قرى ومحافظات، بالإضافة إلى مستشفيات المنطقة الشرقية. المثير للحيرة هنا هو عدم تعليق الجهات والدوائر الحكومية والقطاع الخاص، بالإضافة إلى التعليم العالي للعمل والدراسة لليوم التالي للعاصفة وكأن طلبة وزارة التربية والتعليم وحدهم من يتعرضون للعاصفة ومن «تنكتم» صدورهم أثناءها وبسببها! لماذا دائما ما تتجه هذه القرارات الحكيمة لمساعدة «البعض» والمحافظة على «البعض» وليس «الجميع» وكأننا لا نكترث إلا لأرواح طلبة وزارة التربية والتعليم فقط أو كأن موظفي الدولة والقطاع الخاص وطلبة الجامعات لا يصابون بأي أذى نتيجة لأي ظرف مناخي مفاجئ وحاد وملوث وعاصف! كان من المفترض أن تعلق الجهات والدوائر والجامعات أعمالها وأن يلتزم الجميع منازلهم حفاظا على الأرواح وحرصا على أن تخلو الشوارع والطرقات من أي حوادث مرورية بسبب انعدام الرؤية بعد ما خلفته العاصفة من غبار وأتربة، بالإضافة إلى تعرض المصابين بأمراض الحساسية لأزمات قد تودي بأرواحهم إلى التهلكة لا سمح الله. من الواجب أن تكون القرارات الاحترازية قرارات جماعية تشمل جميع المواطنين والمقيمين على حد سواء خصوصا أن الأمر يتعلق بالصحة العامة وبأرواح البشر وليس بأمر يتعلق بمكافآت مادية يتعذر القطاع الخاص عن تقديمها لمنسوبيه كالأعذار التي نشهدها هذه الأيام!