عرضت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان «فرع العاصمة المقدسة» أمام وكيل إمارة مكةالمكرمة ملف شكوى طبيبة سعودية ضد زوجها السابق بعد أن اتهمته بممارسة العنف النفسي والجسدي ضد بناتها الأربع اللاتي اضطررن للهرب من منزله في جدة ولجأن إليها طلبا للحماية بعد أن انفرط عقد الأسرة قبل 12 عاما. ونقلت الجمعية طلب الأم إلحاق ثلاث من بناتها بمدارس في مكة ريثما تفصل المحكمة العامة في جدة دعواها بإعادة النظر في حضانة البنات والتي تطالب بها. وكان الخوف من الغرق أكثر في تبعات العنف واللجوء إلى مراكز الشرطة والأمراض النفسية، دفع الشقيقات إلى الهرب من منزل والدهن في جدة والاحتماء بوالدتهن المقيمة في مكة، قبل أن يقدمن شكوى رسمية لفرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان طلبا للأمن. وقالت الشقيقات ل«شمس» إن والدهن اعتاد التنكيل وسبهن بعد فكل مرة يأتي للمنزل في ساعات متأخرة من الليل، الأمر الذي اضطرهن للهرب أكثر من مرة، وكانت آخر محاولة سجلت في قسم شرطة الجنوبية بجدة. مشيرات إلى أن والدهن عرضهن لتبعات تجاربه الزوجية المتكررة التي باءت بالفشل لسوء طباعه، كما وصفنه، بعد أن أنجب الكثير من الأبناء ما جعلهن يمارسن دور الأمومة مبكرة بعد أن تولين مسؤولية رعايتهم، وهو ما أضاف إليهن المزيد من الأعباء. وذكرت الشقيقة الكبرى «طالبة بجامعة الملك عبدالعزيز» إنهن سجلن هذه الشكوى بمخفر للشرطة قبل أن يتوجهن لوالدتهن في محاولة لإيجاد حل ينتشلهن من هذه الورطة التي يخشين أن تؤدي بهن إلى سكك مجهولة في ظل رفضه المستمر أن يقمن مع والدتهن التي تعمل طبيبة استشارية في مستشفى حكومي ومتزوجة من رجل في مكانة وظيفة مرموقة. أما والدة الشقيقات فطالبت الأم بضرورة إيجاد مخرج لبناتها حتى لا يتعرضن للضياع أو يضطررن للهرب «بلا عودة» بسبب هذا التسلط والعنف الذي يمارسه بحقهن، وهو الذي نالت نصيبها منه قبل أن تنفصل عنه. وقالت ل«شمس» إنها اضطرت إلى قطع بعثتها إلى كندا بسبب مشكلات طليقها مع بناتها ورفضه المستمر إقامتهن معه، مبدية استعدادها لتوفير السكن الملائم والمناسب لهن للعيش مع والدتها وملاصق تماما لمنزلها الحالي وتملكه في الوقت نفسه إذا كان هذا الحل سيضع حدا لمعاناة بناتها. وأشارت إلى أن كثيرا من الشكاوى التي أرسلت للجهات المعنية في وقتها لم تفلح في حمايتهن من عنف والدهن رغم أنها حملت تأكيدات قاطعة بعدم أهليته في تربيتهن، فثلاث منهن أصبن ببعض الاضطرابات النفسية ويراجعن قسم الصحة النفسية بمستشفى الملك عبدالعزيز في جدة. «لا أدري ماذا أفعل؟ هل أطلب الطلاق من زوجي وأهجر أطفالي الصغار حتى احتضن بناتي؟». من جانب آخر أكدت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان سعيها لحل مشكلة الأم وبناتها ومتابعة قضيتهن مع جهات الاختصاص. وقال نائب رئيس الجمعية ومتحدثها الرسمي الدكتور صالح الخثلان إنه في حال ثبت تضرر الشقيقات من والدهن فإن الجمعية ستطالب بنزع ولايته عليهن ومن ثم المتابعة مع الجهات ذات العلاقة في سبيل تأمين الحياة الكريمة للفتيات. من جهة أخرى علق مدير مركز الدراسات الإسلامية بكلية الشريعة الإسلامية بجامعة أم القرى الدكتور محمد السهلي أن الشريعة الإسلامية كفلت للإنسان حقه في العيش الكريم وعدم إصابته بما يكره من غير معصية ودون رحمة وتكافل. «الإسلام أوصى ببر الوالد وجعله بمنزلة عليا فابنه وما يملك له لكنه في المقابل شدد على مخافته فيما استرعاهم من الأبناء ومتى ما تبين أن الأب غير كفؤ فأمر بديهي أن تسقط حضانته عنهم لتجرده من أبوته وعدم أهليته في حفظ الأمانة التي كلفه بها الله». وأضاف الدكتور السهلي أن الشقيقات الأربع وبحسب ما ذكر عن إصابة بعضهن بحالات نفسية بسبب سوء معاملة والدهن فإن الأمر يستجوب على الجهات ذات العلاقة سرعة المباشرة الفعلية للقضية وإيجاد الحلول الكفيلة بمنح الفتيات الشعور بالأمن والاستقرار. إلى ذلك رأت الاستشارية الاجتماعية شادية غزالي أنه آن الأوان لإنشاء محاكم أسرية تعنى بمثل هذه القضايا ويتولاها ذوو الاختصاص، وطالبت في الوقت نفسه الدعاة وأئمة المساجد وخطباء المنابر وفئات المهتمين وذوي الاختصاص للبحث عن حلول جذرية تكفل للأبناء حقوقهم وتجنبهم ويلات العنف الأسري وآثاره الجسدية والنفسية. وذكرت أنه ومن خلال فصول القضية التي اطلعت عليها فإن هناك حاجة إلى تفعيل أنظمة تكفل للأم حقها في حماية أبنائها وألا يكون للزوج كل الحقوق حتى وإن كان متورطا أو مشتبها في ارتكابه ممارسات عنيفة بحق الأبناء كما جاء في هذه القضية حتى لا تتطور الأمور من سيئ إلى أسوأ. واستشهدت بحالات عدة ذهب ضحيتها أرواح بريئة نتيجة العنف الممارس من بعض الآباء ومن بينهم الطفلة غصون «9 أعوام» التي قضت في مكةالمكرمة نتيجة العنف الممارس ضدها من قبل والدها وزوجته .