لم يحد خطر وقوع كارثة نووية في اليابان، المخططات الفيتنامية لبناء محطات طاقة ذرية، وتزعمت صفوف دول جنوب شرقي آسيا في سباقها النووي، على خلاف جيرانها الإقليميين ذوي الخطط المماثلة الذين حثتهم الأزمة اليابانية على الإبطاء والحذر. فقد أعلنت حكومة هانوي، على لسان وزارة الدولة للعلوم والتكنولوجيا، أن الأزمة التي تتكشف في محطات فوكوشيما النووية في اليابان لن تعرقل إنشاء محطة فيتنام النووية الأولى في إقليم نينه ثوان جنوب البلاد. وصرح نائب وزير العلوم والتكنولوجيا لو تيين دينه، أن فيتنام تواصل مخططاتها لبناء محطات الطاقة النووية، وأن السلطات المختصة في بلاده ستستعين بالمعلومات والتقييمات الجارية عن مفاعلات فوكوشيما اليابانية في برامجها النووية. وكانت فيتنام وقعت مع روسيا في أكتوبر الماضي صفقة بمليارات الدولارات لبناء محطة نينه ثوان النووية، في سباق لاستغلال التكنولوجيا الذرية لتلبية احتياجات جنوب شرقي آسيا المتنامية من الطاقة. وتتطلع فيتنام لتحقيق هذا الهدف بتشغيل ثماني محطات نووية بحلول عام 2031. أما الدول الأخرى في جنوب شرقي آسيا ذات المخططات المماثلة لتوليد الطاقة النووية، فهي تايلاند التي تهدف إلى بناء خمس محطات نووية، وإندونيسيا التي تخطط لتشغيل أربع محطات نووية، علما بأن الفلبين بنت بالفعل محطة باتان النووية لتوليد الطاقة في أوائل الثمانينات، لكنها لم تستغل بعد. وعلى عكس فيتنام، أظهرت حكومات تايلاند وإندونيسيا والفلبين تشبثا أقل قوة ببرامجها النووية، وذلك علي ضوء الأنباء القاتمة الواردة من اليابان. وصرح باني تان، المتحدث باسم حكومة تايلاند أن رئيس الوزراء التايلاندي أبهيسيت فيجاجيفا، تفهم موقف بعض عواصم المنطقة وطابع الحذر الذي تبديه تجاه خطط بلاده لتشغيل أول محطة للطاقة النووية في عام 2020. وأضاف المتحدث «لقد أعرب رئيس الوزراء عن قلقه بشأن سلامة المحطات النووية، خاصة مخاطر وقوع حوادث وهجمات إرهابية». وصرح وزير البيئة الإندونيسي وزنه يساكا محمد حتا، أنه «ليس هناك حاجة إلى الاستعجال في بناء محطة للطاقة النووية إلا إذا بدأت موارد الطاقة في النفاد». واتخذ رئيس الفلبين بنينو أكينو موقفا أكثر وضوحا، برفضه توليد طاقة نووية في بلاده، خاصة في أعقاب الأزمة التي تتكشف في اليابان، وبتشجيعه في الوقت نفسه لمزيد من مصادر الطاقة غير النووية. هذا واغتنم الناشطون الفلبينيون المناهضون للنووي في جنوب شرقي آسيا مثل فيلاسكو لوتونج، أزمة اليابان لرفع أصواتهم ضد سباق الطاقة النووية في المنطقة. وصرح لوتونج «إن محطة باتان لتوليد الكهرباء بنية مليئة بالعيوب، ولا نريد أن يبدأ تشغيلها». وأضاف في حديث هاتفي من مورونج، البلدة الساحلية حيث تقع المحطة «نحن بحاجة إلى تجنب وقوع كابوس اليابان في ساحتنا الخلفية يوما ما». وشرح أن محطة باتان تقع قرب بركان بيناتوبو. هذا ولقد أكدت تارا بواكامسري، من حملة جنوب شرقي آسيا في منظمة «السلام الأخضر» البيئية العالمية، أن «سياسة فيتنام النووية مصدر قلق للمنطقة». وأضافت أن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الدراسات، وإلى تشكيل لجنة مستقلة للسلامة النووية بما ينسجم مع متطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك قبل المضي قدما في الخطط النووية. وشرحت أن المحطات النووية في إندونيسيا والفلبين مثيرة للقلق أيضا، لأن كلا البلدين يقعان ضمن «حزام النار» في المحيط الهادي، وهو الحزام المعرض لعدد كبير من الزلازل والثورات البركانية. وحذرت من أن بناء محطات نووية في هذه المناطق يعرض حياة الأهالي للخطر. وأخيرا أكد سيمون تاي، رئيس معهد سنغافورة للشؤون الدولية أن «الناس يقلقون عندما لا يعرفون ماذا تفعل حكوماتهم أو تنوي فعله، وبهذا ينتشر الإحساس بالذعر». وطالب الحكومات بالتوقف لتقييم ومناقشة مسألة الطاقة النووية .