المرأة التي تشبه نهارا يغفو عند عتبة منتصفه، وشجرة يتعبها اخضرارها ولكنها لا تزال تجذف لئلا تيبس، وأغنية تصدح بصمت.. والمرأة التي لا تتوقف عن الحلم إلا لتحلم من جديد، ولا تتوقف عن الحنين إلا لتعيد تصفيف حنينها من جديد، ولا تتوقف عن الوحدة إلا لترتب خزائن عاداتها وجوارير معتقداتها وقوارير صحها وخطئها وتتزين بخواتم وحدتها من جديد.. المرأة التي تسدل الستائر خارجها قصدها التلظي من ضوء سينير بقعة عذراء بعيدة وعميقة على سطح كوكبها؛ حيث ما زال هناك جنين ينتظر معانقة عذبة من أمه وتوبيخا محبا ودافئا من أبيه؛ حيث ما زالت طفلة تلعب الغميضة متغاوية بطراوتها آملة ألا يراها أحد.. تتلظى من ضوء سيعكس رغبات دواخلها مبررا طيبة تتدفق بين اللحظة والماضي، بين التذكر والنسيان، بين الإرادة والقدرة، بين المنطق والإحساس. المرأة التي إذا ما ضحكت كأن شعبا بأكمله يتنفس الصعداء، أو كأن عشاقا يتمايلون على وقع خافق عذب وقان نقي.. المرأة التي تستعير من الآخرين أحزانهم لتحزن فتتأكد من أنها ليست مجرد إنسان.. والتي تستعير من العتمة صمتها لتتأكد أيضا من أنها ليست مجرد إنسان.. هي لا تتكلم إلا نادرا أو لماما كعصفورة تنتقي الحَبّ, كما يحلو لذوقها أو الغصن كما يحلو لمزاجها.. تتكلم مع الكثير من النقاط والفواصل والتردد والاستدراك حينا والكثير من التلقائية والعفوية والسذاجة والذكاء أحيانا أخرى. المرأة التي كفها نهر لا ينضب.. مسافات لا تدرك.. طيور تعلو وأخرى تغط.. تلال تنام.. وأخرى تصحو.. وناس هم الحب إيمانهم صفو وأمان. المرأة التي وهبت العمر حتى تلاشى والحب حتى احترق والشذا حتى علق على كل كم.. والتي صدقت حين الكل كذب ووفت حين الكل حنث واحتجبت حين الكل تعرى.. هي أنت.. أم بوجه صبوح وبطن معطاء.. أم بروح عتيقة وجسد فتي.. أم بجنة تحتها وأخرى فيها.. دمتِ.. أقوى من كل سخافات هذه الحياة وأحق من حقائقها. لوركا حيدر (فيس بوك)