تكمن القوة في ليبيا، على النقيض من مصر وتونس، في أربعة عوامل هي ألوية شبه عسكرية ولجان ثورية تضم من يثق بهم القذافي ومجموعة من الزعماء القبليين وبعض المرتزقة. ولا يمثل الجيش الليبي الرسمي إلا كيانا رمزيا، فهو جيش ضعيف التسليح والتدريب لا يزيد قوامه على 40 ألف جندي. ويعد هذا جزءا من استراتيجية القذافي طويلة الأمد لاستبعاد خطر حدوث انقلاب عسكري، وهي الطريقة التي وصل بها للسلطة عام 1969. وعلى هذا، لا يعد تمرد بعض عناصر الجيش وانضمامهم للمتظاهرين في بنغازي تهديدا للعقيد. ويأتي الأمن الداخلي على رأس الأجهزة التي تدعم نظام القذافي. وتملك ليبيا أمنا داخليا وحشيا واسع التغلغل وذا إمكانيات واسعة، حيث لا يجرؤ أحد على انتقاد النظام علنا خوفا من الإبلاغ عنه للشرطة السرية المخيفة. وأثناء زياراتي لليبيا وجدت أنه من الصعب أن يتحدث المواطن العادي للصحفيين، حيث تنتشر أعين الحكومة وترقب ما يقال وما يحدث. وقد عمل بعض من أبناء القذافي في الأمن الداخلي، ولكن الشخصية الرئيسية في الجهاز الآن هو عبدالله السنوسي، صهر القذافي. ويشتبه بصورة واسعة أن السنوسي، الذي عرف ببطشه، هو القوة المحركة في قمع الاحتجاجات خاصة في بنغازي، ما يعني أن الفرصة ضئيلة في تنحي القذافي. ويوجد لدى ليبيا بعض «الألوية الخاصة» التي تحصل على توجيهاتها من اللجان الثورية التابعة للقذافي وليس من الجيش. وإذا غيرت هذه القوات شبه المسلحة ولاءها وانضمت إلى المتظاهرين، فإن هذا سيقوض قدرة القذافي على البقاء. أما المرتزقة فهم يمثلون جانبا من أكثر الجوانب فزعا في الانتفاضة الليبية. ويعتمد نظام القذافي على مرتزقة أفارقة خاصة من تشاد والنيجر للتصدي بصورة وحشية للمتظاهرين المدنيين، حيث يطلقون النار من أسطح المباني تنفيذا للأوامر التي رفضها الجنود الليبيون. ورغم أن الانتماء القبلي قد يحدد الولاء السياسي، إلا أن ليبيا الآن أقل قبلية من عام 1969. وقد ولى القذافي الكثيرين من أبناء قبيلته القذاذفة، مراكز سيادية في النظام بما في ذلك وظائف متعلقة بأمنه الشخصي. وأجاد تأليب القبائل بعضها على بعض حتى يضمن ألا يشكل أي من زعماء القبائل تهديدا لنظامه.