زميلي الوحيد في القسم لا يكلمني منذ أن حدث سوء تفاهم بينه وبين إحدى زميلاتنا، فوقفت محايدا غير متحيز، ومن ذلك الوقت وهو لا يكلمني، وإذا سلمت عليه لا يرد، وإذا فعل رد وهو غاضب، أو أنه مجبر، فماذا أفعل؟. أخي الحبيب، سأقدم بمقدمة مهمة في موضوع الخلاف وسوء الفهم، ومن ثم أجيبك على استشارتك بشكل خاص.. إن حدوث سوء التفاهم أو الاختلاف بين أي شخصين هو أمر طبيعي جدا، وخاصة عندما تكون هناك خلطة وصحبة وزمالة، سواء في المدارس أو الجامعات أو أماكن العمل، وحتى بين الجيران والأقارب، لذلك لابد أن نتقبل هذا الشيء بنوع من الوعي والإدراك، وألا نبالغ في استبعاد حدوث ذلك، بل نتعلم ونتدرب على مواجهة سوء الفهم والاختلاف بأسلوب مناسب يجنب كلا الطرفين المختلفين مغبة الاستمرار في الخلاف، والوصول إلى نتائج لا تحمد عقباها، وهذا – طبعا - إذا كان الخلاف على أمر دنيوي أو مسوغ شرعا؛ لأن الاختلاف على إنكار منكر أو أمر بمعروف له أحكامه وآدابه، وقد حرص الشارع الحكيم في آيات وأحاديث كثيرة على ذم الخلاف والتفرق، وشدد النبي صلى الله عليه وسلم في الوعيد على المتخاصمين، بل من عظمة الإسلام أنه راعى النفس البشرية وما يعتريها من غضب فرخص بالهجران لثلاث ليال فقط. هذه المقدمة البسيطة هامة جدا لكل من أراد أن يسلم في تعامله مع زملائه وإخوانه؛ لأنها تبين لنا الجانب الشرعي من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فيما يخص هذا الموضوع، وألخص لك أخي علاج مشكلتك في نقاط: 1 - ذكرت في ثنايا السؤال أنه حدث سوء تفاهم بين زميلك وإحدى زميلاتكم، ولاشك أن حدود زمالة الرجل بالمرأة لابد أن يكون وفق ضوابط الشرع، وفي حدود ما أحل الله، والاختلاط غير المنضبط بحدود في صروح التعليم والعمل وهو الواقع حاليا من أكثر المنكرات إفسادا للشباب والفتيات، وليس المجال هنا للحديث عن هذا ولكن من باب النصيحة وأداء الأمانة والتوجيه. 2 - يتبين من السؤال بشكل واضح أن سبب المشكلة مع زميلك هو موقف احتاج فيه أن تؤيده وأن تنصره، ولكنك وقفت محايدا كما ذكرت، وقد يكون هو فسر ذلك الحياد بأنه خذلان. 3 - لذلك لابد ألا تكتفي بالسلام عليه فقط، ولكن اجلس معه وصارحه مباشرة في جلسة خاصة بينكما، وليس في مكان عابر أو أمام الناس، ولا تتأخر أبدا في ذلك لأن كثيرا من المشكلات تبدأ صغيرة أو بلا سبب واضح أحيانا، ولكن لعدم المصارحة والمكاشفة السريعة يدخل الشيطان بين الطرفين وتدخل تفسيرات أخرى، ويزيد الشقاق والخصام ويصعب بعد ذلك التدخل. 4 - احرص على السرعة في اتخاذ الحلول ولا تتسرع باستخدام الوساطات من زملاء آخرين إلا حال الضرورة. 5 - استخدم أسلوب التودد والإحسان، واعتذر بالأسلوب المناسب الذي لا ينقص قدرك، فقد يكون هو المخطئ ولكن ليكن اعتذارك مناسبا وذكيا، مثلا قل له «أنا قصدت كذا ولو علمت أن ذلك يحزنك لما فعلته» أو «لم أكن أتوقع أن تفهم قصدي بهذا الشكل».. 6 - لكل إنسان طباع وخصائص وأنماط ونقاط ضعف ومفاتيح تستطيع من خلالها التأثير عليه إيجابا في علاج سوء الفهم الحاصل. 7 - إذا كان بينكما مودة ومواقف عشتموها معا، فمن المناسب استخدام التذكير بها من باب التودد وزيادة الألفة، لكن احذر أن يفهم ذلك أنه منة منك عليه. 8 - أسلوب الهدية والاعتذار الكتابي قد تستخدمه في حال رفض مقابلتك مع المحاولة، أو كان في مكان لا تستطيع مقابلته. 9 - أكثر من الدعاء لإخوانك في ظهر الغيب خاصة من كان بينك وبينه سوء التفاهم، وأبشر بالخير فإنه كما ورد في الحديث فإن هناك ملكا موكلا يقول ولك مثله، وأسأل الله أن يصلح بينك وزميلك ويوفقك لخير سبيل لذلك. 10 - ومع هذا كله فإن هناك أناسا مفرطي الحساسية تجاه الآخرين يفهمون كل موقف أو حركة أو كلمة بتفسير سلبي ويكثر سوء التفاهم معهم، فمثل هؤلاء الأفضل الحرص على التقليل من مخالطتهم والحذر في التعامل معهم.. المجيب: هاشم بن عبدالنور الأهدل مشرف تربوي بجمعية تحفيظ القرآن الكريم