بات من الضروري اليوم التفكير في تنظيم عقوبات «غرامات» تهتم بالمحافظة على الأماكن العامة كالحدائق والطرقات وتعاقب كل شخص يرمي المخلفات من نوافذ السيارات المتحركة، أو تشويه الأماكن العامة بعد جلوسهم بها، وهذا سيقلل من هذه السلوكيات التي نكتفي فيها بنصح الأشخاص المخالفين. وقد ذكر الكاتب الياباني «نوتوهارا» في وجهة نظر يابانية عن العرب: «أنه كان يزور صديقا عربيا، وعندما وصل إلى الحي الذي يسكنه فاجأته القاذورات وفضلات الطعام وكافة أشكال النفايات وأكياس الزبالة التي كانت منشورة بعشوائية على الأرض، ولكنه حين وصل إلى البناية التي يسكن فيها صديقه كان الباب نظيفا للغاية، ووجد عالما آخر مختلفا تماما عما شاهده بالخارج خلف باب صديقه، ففهم أن كل ما يخص الملكية العامة يعامله الناس كأنه عدو فينتقمون منه. ولذلك تجد الأماكن العامة كالحدائق العامة ومحطات الانتظار ودورات المياه قذرة بصورة لا توصف، وتجد المقاعد مكسورة ومحطمة. ويضيف أن المواطن العربي يربط بين الأملاك العامة والسلطة، وهو نفسيا، في لاوعيه على الأقل، ينتقم سلبيا من السلطة فيدمر وطنه ومجتمعه!». ولأن كل إنسان يفكر بمصلحة نفسه أولا، فمن النادر أن يفكر أحدنا بالمصالح العامة ما لم يكن هناك جزاء يفرض عليه لدى ارتكابه مخالفة. ولهذا نجد أن وضع أنظمة يحكم على مخالفيها بغرامات مالية تخرج عن العقوبات التقليدية كالجلد والسجن بوسعها أن تحد من ارتكاب المخالفات والجرائم التي تعرض الإنسان والآخرين للخطر. ولعل نظام ساهر هو أحد الأمثلة التي لاقت نجاحا في الحد من التجاوزات غير النظامية بغض النظر عن السلبيات التي ظهرت في بداية تطبيقه وتحدث عنها الكثيرون. لكن يظن البعض أن وضع مثل هذه الأنظمة التي تهم المصلحة العامة ليست سوى قرارات تعسفية لأن الغرامات المالية أصبحت ترهق كاهله ولا يقدر على إضافة عبء جديد، ولذلك شعر البعض بضرورة التضامن ضد هذا «ساهر» والانتقام منه بتبادل المعلومات عن أماكن تواجده. والخوف من أن يتحول وجود أنظمة تعاقب من يخالفها إلى خلق شريحة من الناس تحاول الانتقام منها بطريقة ما!