منذ تقديمه قصيدة «الرسول» في جولات شاعر المليون بنسخته الأولى، لم يتوقف الشاعر مشاري النثري عن إدهاش المتابعين بالصور الشعرية التي تزخر بها قصائده لولا أن ظهوره المحدود أضحى محل تساؤل من الوسط الشعبي، وهو ما يبرره في هذا الحوار الذي تطرق إلى جملة من المحاور التي تكتنف شخصية النثري وحضوره وشاعريته. كيف ترى مشاركتك في مسابقة شاعر العرب؟ لم أكن راضيا عنها لوجود ملاحظات لا تغتفر على منهجية البرنامج ونتائجه التي لم تكن عادلة، كما أن لجنة التحكيم كانت دون المستوى؛ فتجدها تارة تنتقد قصائد مميزة ويكيلون المديح لقصائد دون المأمول، ومن الطبيعي أن يكون بين أعضاء لجنة التحكيم شخص مميز، لكن الغالبية العظمى وجودها على طاولة النقد يعريها ويكشف حقيقة علاقتة أفرادها بالشعر. ورغم ورود ردود فعل جيدة من المتابعين على مشاركتي، إلا أنها إحدى غلطات مسيرتي الشعرية. لو عاد الزمن بك هل ستكرر المشاركة؟ بطبيعة الحال لن أتقدم للمشاركة مرة أخرى في مثل هذا البرنامج التي أثبتت عدم مصداقيتها من خلال عدم تسلم المتوج باللقب جائزته، وأصبح هذا الأمر هاجسا يؤرق المشاركين فيه. كان لك حضور مميز في جولة «شاعر المليون» في نسخته الأولى، إلا أنه لم يترجم باختيارك ضمن قائمة ال48 فما الأسباب؟ اعتقد أن هذا السؤال يحال لإدارة البرنامج، فأنا شخصيا لا أستطيع الإجابة عنه؛ لأني حقيقة لا أعرف السبب، ولكن بحسب تصوري أن الاختيار خاضع لعدة معايير أخرى غير الشعر، فمن الممكن أنهم لم يجدوها بشكلها الجيد في ذلك الوقت، مع أن مشاركتي حظيت بإشادات كبيرة من شعراء مميزين ونقاد ومتابعين وشكلت نقطة انطلاق حقيقية في مسيرتي الشعرية، وأثبت البرنامج أنه الأميز حقيقة. قدم لك عضو لجنة التحكيم حمد السعيد قصيدة اعتذار عن عدم دخولك للمراحل الرسمية فكيف تبرر ذلك؟ هل هناك مصداقية في اللجنة لاختياراتهم؟ تبريري لذلك هو انحيازهم للشعر حتى إن لم تتأهل القصيدة، وهذا من جميل صنع الشاعر والناقد حمد السعيد الذي خصني بالاعتذار من بين آلاف الشعراء الذين لم تتأهل قصائدهم إلى مرحلة ال48. بينت لمقربين لك عدم رضاك عن مهرجان النعيرية الأخير، فما أسباب ذلك؟ هناك أيد عابثة تسعى لمصالحها الشخصية بعيدا عن الهدف المنشود من إقامة المهرجان الذي يعتبر في مصاف المهرجانات الأولى في الخليج في ظل ارتياد خليجيين للنعيرية. لكن بعض المسؤولين عن البرنامج الشعري يديرون المهرجان وفقا لعصبياتهم القبلية أو مصالحهم الشخصية، وآمل أن يعاد النظر من قبل المسؤول الأول عن المهرجان للبحث عن أسباب هذا الخلل وتسويته قبل أن يزداد الأمر سوءا، ونخسر أحد أهم المهرجانات السعودية. كيف ترى المهرجانات المحلية مقارنة بالخليجية؟ وهل يستوي الأعمى والبصير؟! المهرجانات الخليجية تحظى باهتمام إعلامي واسع ويتم الإعلان مسبقا عنها عبر الصحف اليومية ويكون هناك اهتمام بضيافة الشعراء، حتى مديرو الأمسية يتم انتقاؤهم بعناية فائقة حتى يسعوا إلى إنجاحها على العكس من المهرجانات المحلية التي لا يتم الإعلان عنها بشكل مرض وتكون محلا للمجاملات والعلاقات الشخصية، ويتم إيكال مهمة تنظيمها لأشخاص لا علاقة لهم بالشعر وليس لديهم خبرة في توفير مزيج من الشعراء يجلبون الحضور الجماهيري ويدفعون الأمسية للوصول إلى مستوى النجومية. وكان لدينا مهرجان بريدة من أميز المهرجانات في فترة ما، إبان تولي الشاعر تركي المشيقح مهمة إدارته، ولكن سرعان ما عاد إلى الوضع المعتاد في المهرجانات السعودية. جمعية الثقافة والفنون كيف ترى حضورها وخدمتها للشعراء؟ وهل هناك جمعية فنون أو ثقافة؟ هي مشروع أعتقد أنه مشوه ولم يكن له حضور بشكل جيد منذ إطلاقه، وعني شخصيا لا أعرف مكانه رغم أني استفسرت من أحد الشعراء الذي كان يؤكد معرفته بها ك»اسم» دون أن يعرف حتى موقعها. القنوات الشعرية كيف تراها في ظل تشكيك المتاعبين في جدواها واعتبارها ورما يجب استئصاله؟ لم تخدم الشعر، حتى إن أسهمت في انتشاره، وذلك بسبب سوء انتقائها لما تقدمه من شعر، فهي أسهمت بإيجاد الغث والسمين في آنٍ واحد وكانت النتيجة سلبية على مسيرة الشعر في الوقت الجاري. توجهت أخيرا إلى تقديم قصائدك بشيلات وبأصوات منشدين، مع أن بعض المختصين والمتذوقين ألمحوا إلى أن الشعراء المتوجهين لهذا الأسلوب يسترون عيوب قصائدهم؟ لكن هؤلاء لم يضعوا في حسبانهم أن بعض القصائد تسهم في نجاح المنشد نفسه، وأنا أشيد ببعض المنشدين الذين يجمعون الصوت الشجي والقصيدة الجميلة وعلى رأسهم المنشد محمد السليس الذي أعتبره من أميز الأصوات التي تغرد خارج السرب في الساحة الشعبية. كيف ترى القبلية في الشعر؟ القبلية ممقوتة بشتى أشكالها، إلا في مناقب القبائل التي أيدها الإسلام، فمن الطبيعي أن يتغنى الشاعر بمناقب قبيلته دون استنقاص حقوق الآخرين أو الدعوة للتفكك أو زعزعة اللحمة الوطنية، فالقبيلة الأكبر هي الوطن والأجدر أن يبدع الشاعر قصائده في حبه. أمسيات الأعراس كيف تراها وأنت أحد من يقيمونها؟ لا تخدم الشاعر.. ومن الممكن أن يكون ضررها على الشخص أكثر من منافعها، وفي الحقيقة أني وصلت لقناعة أنها ليست مجدية وأعلن ابتعادي عنها بشكل نهائي. أصبح شعراء النظم يرتبطون ارتباطا وثيقا مع مكاتب الشعراء مع أن بعضهم يشتكي من «شلليتها» فكيف تراها؟ أرى أن هناك شللية واضحة.. ولكن في ظل هذه الهالة الإعلامية وتعدد وسائل الاتصال لم يعد بوسع هذه المكاتب فرض سيطرتها وتنفيذ أهدافها المرجوة كما تريد. لماذا لم نجد لك حضورا إعلاميا مكثفا في الإعلام المطبوع؟ السبب يعود لتعارض مفاهيمي مع مفاهيم بعض معدي الصفحات الشعبية، فهم منحازون إلى أهوائهم وآرائهم التي لا تقوم على أسسٍ رصينة في أبجديات الشعر، ولا يكترثون إلى ما سيؤول إليه مستقبل الشعر، فأغلبهم ليسوا أصحاب تخصص، بل متطفلون على ساحة الأدب. كما أنهم يقدمون الكثير من التنازلات من مبادئهم ليقبلوا الأعطيات مقابل نشر القصائد، وباعتقادي أن هذه الثلة هم السبب في شلل حركة الساحة الأدبية في الخليج .