ما زالت شوارع وطرقات مدينة جدة تئن وتشتكي من الدمار الذي لحق بها إبان السيول، حيث تحولت أغلب الشوارع إلى حفر ومطبات صنعتها مياه الأمطار، إضافة إلى زيادة تراكم النفايات ومخلفات مياه المجاري داخل الأحياء العشوائية وطرقاتها التي امتنع بسببها السكان من الخوض فيها وتوقف حركة السيارات في المنطقة. ومع أن الشوارع المتهالكة قبل السيول تمثل وصمة عار في جبين عروس البحر الأحمر، إضافة إلى التشققات والحفريات المنتشرة في أغلب شوارع مدينة جدة سببت للعديد من سكانها صداعا مزمنا تجاوز أضراره الممتلكات والسيارات إلى الأرواح البشرية، التي قضت نحبها بسبب سوء هذه الشوارع التي لا يزال القائمون على تنفيذها دون المستوى المأمول، جاءت سيول جدة الأخيرة لترسم لوحة جديدة أكثر سوءا وتضيف إلى شوارعها حالة من التصدع والانهيارات والحفر الوعائية وهبوطات في الأسفلت ناتجة من سوء تنفيذها من قِبل العديد من الشركات والمؤسسات في مختلف الإدارات الخدمية. فرق لم تصل لا ينكر أحد أن الأمانة باشرت أعمال التزفيت في البلديات الفرعية، ووزعت 24 فرقة تزفيت بمتوسط فرقتين لكل بلدية، ومن المقرر الانتهاء من الحالات الطارئة لبعض الشوارع خلال أسبوعين، إلا أن حجم الكارثة وتأثر الشوارع قد يؤخر عمليات الإصلاح لأكثر من المدة المحددة من قِبل أمانة جدة، وخلال جولة على بعض المناطق العشوائية جنوب مدينة جدة تبين أن العديد من طرقاتها وشوارعها لم تصل إليها فرق التزفيت والإصلاح حتى الآن، الأمر الذي جعل مركز حي النزلة يبادر في تشكيل لجان لتسوية الطرقات وإصلاح الشوارع الرئيسية في المنطقة، وإزالة النفايات وشفط مياه الصرف الصحي التي طفحت إلى الشوارع واختلطت بالأوساخ لتغلق بعض الشوارع وتمنع الحركة فيها. 180 ساعة عمل وأوضح مدير مركز حي النزلة عيسى مريع مطاعن ل «شمس» أن شوارع وطرقات جنوبجدة زادت سوءا فوق سوء بعد هطول أمطار الأربعاء: «توجهنا إلى أحياء المصفاة والغليل ووجدناها معدومة بالكامل، فأغلب شوارعها ممتلئة بمياه الأمطار التي اختلطت بالمجاري، إضافة إلى كم النفايات والأتربة التي ملأت جانبي الطريق وجعلت منها مكانا لتجمع الأوساخ». وبين أن العملية تمت على ثلاث مراحل: «مرحلة شفط المياه، بقايا مياه الأمطار المختلطة بمياه المجاري، ثم مرحلة إزالة الطمي وأثاث المنازل التي جرتها مياه السيول، وانتهاء بمرحلة التسوية بإضافة طبقة من الرمل، وقد استخدمنا في العمل ثلاث جرافات لتنظيف الشوارع من الأتربة وإزالة الأوساخ وتجمع النفايات من على الطريق، إضافة إلى وايتات شفط المياه، كما قسمنا العمل على ستة أيام متواصلة لتشمل أحياء المصفاة والغليل فقط، وقد حضرنا في كل حي لثلاثة أيام بمعدل ست ساعات عمل يوميا في كل حي ليكون المحصل النهائي 180 ساعة عمل». وأشار مريع إلى أن المدة لا تكفي لإزالة جميع الأوساخ عن هذه الطرقات: «هذا ليس واجب مركز الحي الأساسي، فواجبنا يتمثل في زرع القيم الأخلاقية داخل الحي، إلا أن الكارثة كبيرة وحجم العمل لا تستطيع إنجازه جهة واحدة فقط، فمن هذا المنطلق حاولنا تغطية هذا الجانب قدر المستطاع. مؤكدا أن الفرق المعلن عنها من قِبل الأمانة لتزفيت الشوارع والطرقات لم تصل إلى هذه المناطق قط، غير أن الشعور بالواجب الوطني حرك أبناء الحي لتسوية طرقاتهم وتنظيف شوارعهم، ونلاحظ الجهود التي تبذلها أمانة جدة في إصلاح الطرق الرئيسية وهي أفضل بكثير من السابق في سرعة تنفيذ العمل، إلا أن حجم الكارثة يحتاج إلى تكاتف الجهود للانتهاء من هذه الفترة العصيبة التي تمر بها مدينة جدة». شوارع متهالكة من جانب المواطنين، شكا كثير منهم حال شوارعهم التي أصابها المرض بعد الكارثة الأخيرة وزادت نسبة الحفريات أكثر من السابق، وحسب المواطن محمد الغامدي فإن: «صيانة الشوارع معدومة وقد يأتي علينا يوم ولا نجد شوارع أصلا، فقد أصبحت أشبه بالطرق الترابية، فنحن نعاني تدني مستوى صيانة الطرق، فكيف حال هذه الشوارع بعد السيول، بالتأكيد ستكون أسوأ من سابقتها». وأوضح المواطن سعيد الزهراني أن أحياء الجنوب تفتقر إلى الاهتمام والصيانة المستمرة: «حتى بعد سيول الأربعاء لم تزرنا فرق التزفيت التي وزعتها أمانة جدة على الأحياء والشوارع الرئيسية، في الوقت نفسه تعاني شوارع جدة حفريات الطرق السريعة العامة وحتى الطرق الداخلية والفرعية فكلها تكسير وحفريات، وأجزم أن الحلول للقضاء على معاناتنا مع الحفر والشوارع المتهالكة لا يحتاج إلى عباقرة ولا إلى أفكار غير مسبوقة، ولكن نحن ندفع ضريبة ونتائج سوء الإدارة وعدم الاكتراث بمصلحة المواطنين وأبنائها، وسوء تنفيذ المشاريع» .