«لا أريد من ابني شيئا، فغاية ما أريده هو أن يرعاني في شيخوختي بعد أن حملته في أحشائي ورعيته حتى أصبح رجلا» بهذه الكلمات تنفست السيدة الثمانينية «صالحة»، وفاضت بمشاعرها ل«شمس»، بعد صمت متقطع ببكائها. «ليت ابني يقف إلى جانبي وقفتكم هذه فقد ذهبت إليه بعد أن تضرر منزلي من سيول الأربعاء التي ضربت جدة، إلا أني لم أجد منه أي استجابة تذكر». السيدة «صالحة» التي تحشرج صوتها بالبكاء مع بعض العبارات غير المفهومة كانت تشكي حالها مع ابنها الذي لا يزورها إلا عند باب بيتها ليطمئن عليها أو يعطيها بعض المؤن، وذلك بسبب تراكم الأوساخ في زوايا بيتها الصغير الذي يضم غرفة واحدة، وصالة صغيرة، ودورة مياه. «حاولت مرارا أن أكون قريبة من ابني الذي يقطن مع زوجته وأبنائه في منزل آخر، إلا أنه يرفض ذلك تماما، وكلما حاولت زيارته في بيته أجد معاملة قاسية منه ومن أبنائه الصغار، ولا أجد وسيلة للمغادرة إلا بعد أن يتركوني أخرج من منزلهم». أهالي الحي الذي تقطنه السيدة المسنة أبدوا أسفهم لهذا السلوك غير الإنساني من ابنها خاصة أنه الوحيد الذي تبقى لها بعد وفاة اثنين من أبنائها في وقت سابق. مشيرين إلى أن متطوعين من جمعية «اكتفاء» التي جندت نفسها وشبابها لحصر المنازل المتضررة من السيول الأخيرة كشفت عن حالها وحال منزلها الذي لا يصلح للعيش الآدمي فهي لا تقدر على ترتيبه ونظافته. وذكروا أن بعد منزل ابنها سوى بضعة خطوات فقط، ومع ذلك لا يكلف نفسه زيارتها إلا إذا دعت الحاجة لذلك، مع حرصه ألا تتجاوز هذه الزيارة عتبة الباب .