حاصر المتظاهرون المصريون، أمس، مقري البرلمان ومجلس الوزراء بالقاهرة، غداة تظاهرات هي الأضخم منذ بدء «انتفاضة 25 يناير» التي تطالب برحيل الرئيس حسني مبارك. ولم تقع أعمال عنف بين الشرطة والمتظاهرين الذين اكتفوا بالاعتصام أمام مدخل المبنيين مثل زملائهم المرابطين في ميدان التحرير القريب الذي أصبح معقلا للانتفاضة الشعبية التي تشهدها مصر منذ 15 يوما. وتم نقل اجتماع مجلس الوزراء من مقر الحكومة بشارع القصر العيني إلى وزارة الطيران المدني بمدينة نصر. وقتل ثلاثة متظاهرين في اشتباكات بالخارجة، فيما اتسعت الاحتجاجات الفئوية لموظفين وعمال يطالبون بتحسين شروط عملهم في عدة مواقع. دخلت الاحتجاجات في مصر، أمس، أسبوعها الثالث، وسط اتساع الرقعة بشكل غير مسبوق، وانضمام فئات جديدة للمعتصمين في ميدان التحرير الذين يطالبون بتنحي الرئيس حسنى مبارك عن منصبه. وشكلت مظاهرات الثلاثاء أول خطوة بعد تعهدات قيادة الانتفاضة بمظاهرات مليونية أيام الأحد والثلاثاء والجمعة من كل أسبوع، سعيا منها لزيادة الضغط على السلطات لتحقيق مطالبها الأساسية. ومع توالي الكشف عن قضايا الفساد التي طالت عدة وزراء سابقين وكبار رجال الأعمال، تصاعد الغضب الشعبي مضيفا وقودا إلى التظاهرات التي دخلت يومها ال 16 على التوالي. وأعلن أحد منظمي الاحتجاجات أن الاستعدادات جارية على قدم وساق لتنظيم مظاهرات مليونية جديدة، غدا، مؤكدا أن صمود المحتجين وزيادة عدد المتظاهرين هما العاملان الحاسمان في تحديد مسار الأحداث، وليس وعود مبارك ولا نائبه عمر سليمان. وسد مئات من المتظاهرين مدخل مبنى مجلس الشعب لمنع أعضاء الحزب الوطني الديموقراطي من الدخول، «الشعب لم ينتخب هذا المجلس الذي هيمن عليه هؤلاء عقب انتخابات شابتها أعمال تزوير واسعة»؛ على حد تعبير أحد المحتجين، الذي أضاف «سنبقى حتى تتحقق مطالبنا أو أن نموت هنا». وكان عدد من المتظاهرين ناموا ليلتهم أمام المبنى قبل أن ينضم إليهم آلاف آخرون للمطالبة باستقالة النواب فورا. وفي ميدان التحرير، الذي تحول إلى منطقة خيام محصنة، أكد آلاف المتظاهرين المرابطين بشكل دائم فيه أنهم لن يتراجعوا. ولم تقنع الإجراءات السياسية الأخيرة المحتجين أو تحد من غضبهم، حيث أصروا على رفض أي حوار قبل الرحيل. وقتل ثلاثة متظاهرين وأصيب ما يقرب من 100 آخرين في مدينة الخارجة بمحافظة الوادي الجديد «جنوب مصر» إثر اشتباكات، أمس الأول، مع الشرطة التي استخدمت الرصاص الحي في مواجهة المحتجين. وطالبت جماعة الإخوان المسلمين مجددا برحيل مبارك معتبرة أنه أصبح «منزوع الشرعية». وقال القيادي في الجماعة عصام العريان في مؤتمر صحفي إن مبارك «لا يملك سلطة، كيف يصر على البقاء؟». وتابع أن «ما يحدث الآن هو صراع بين الشعب وعناد شخص لا يريد أن يستجيب». ولم يوضح العريان ما إذا كانت الجماعة التي وافقت على الحوار مع سليمان وحضرت جلسته الأولى، الأحد الماضي، ستستمر فيه أم لا. واعتبر العريان أن «الحوار الحقيقي حول انتقال السلطة لم يبدأ بعد». من جهة أخرى، أعلن وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي المشرف على وزارة التربية والتعليم هاني هلال مد إجازة نصف العام للمدارس والجامعات لأسبوع آخر بسبب الأحداث التي تشهدها البلاد. وأكدت ألمانيا من جديد أنها لم تقدم أي عرض إقامة طبية لمبارك في ألمانيا خلال الفترة المقبلة. وكان نائب الرئيس عمر سليمان قال أخيرا إن الرئيس «ليس في حاجة للعلاج»