خطت التسعينية أم عبدالله، الناجية من القتل قصاصا، صباح أمس، أولى خطوات حياتها الجديدة، بعد أن استكملت إجراءات الإفراج عنها من سجن أبها العام بعد تسعة أعوام قضتها داخل «العنبر رقم 3» لإدانتها بقتل زوجة ابن زوجها بطلق ناري من مسدس، وهي أعوام ثقيلة بوطأة الكوابيس التي كانت لا تفارقها في صحوها ومنامها، حتى جاءتها البشارة لتعلن لها عن موعد جديد مع الحياة بعد أن عفا عنها أولياء الدم في مجلس كبير للصلح، تلبية لرغبة نائب خادم الحرمين الشريفين الذي تكفل بسداد كل نفقات عتقها. وكانت حشود كبيرة تجمعت أمام منزل ذوي القتيلة في مركز طريب بخميس مشيط الأحد الماضي، يتقدمها شيخ شمل قبائل عبيدة الشيخ مناحي بن ذيب بن شفلوت، حيث وضعوا اللمسات الأخيرة للوساطات التي تدخل فيها أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد وعدد من أهل الخير. وعبرت السيدة أم عبدالله عن بالغ امتنانها لنائب خادم الحرمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز وأمير منطقة عسير وكل من سعى في عتق رقبتها. وقالت ل «شمس»عقب خروجها من السجن «لم أكن أتوقع أن أخرج إلا لساحة القصاص، حيث كان فجر كل يوم جديد يطل بمثابة كابوس يكتم أنفاسي». وأكدت أنها نادمة على ما اقترفته في لحظات غضب «عشت معها ثلاثة أعوام في منزل واحد وكنا نأكل ونشرب معا». كما قال الابن الأكبر للسيدة، عبدالله مبارك ل«شمس» إن فصول القضية بدأت عام 1424ه بعد أن أقدمت والدته على قتل زوجة أخيه غير الشقيق بسبب خلاف بسيط جدا بينهما، لكنه أدخل الأسرة في مشاكل كبيرة ونفق مظلم بعد أن كانت تعيش في سلام «مساعي الصلح لم تتوقف منذ وقوع الحادثة حيث تدخل مشايخ القبائل وعلماء الدين، ثم لجنة إصلاح ذات البين في المنطقة الشرقية». وأضاف أنهم في النهاية عرضوا الأمر على نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير سلطان بن عبدالعزيز الذي امتدت أياديه البيضاء في السعي للصلح مع نفر من رجال الخير يتقدمهم أمير منطقة عسير، وهو ما تكلل بالنجاح الأحد الماضي بإعلان العفو عن والدته. وكان أمير عسير استقبل أمس الأول شيخ شمل قبائل عبيدة الشيخ مناحي بن شفلوت، وقاضي محكمة الاستئناف بالمنطقة الشرقية رئيس لجنة إصلاح ذات البين الشيخ أحمد العصيمي، وعضو اللجنة الشيخ سعد أبوقفرة، وعددا من ذوي المجني عليها والجانية. وعبّر أمير عسير عن خالص شكره وتقديره وعرفانه لأولياء الدم لتنازلهم وعفوهم، مثمنا قيامهم بهذه الخطوة المباركة التي جاءت تتويجا لجهود نائب خادم الحرمين الشريفين الذي يحرص دائما على تكريس مفهوم العفو والإصلاح، بالإضافة إلى مساعي لجنة إصلاح ذات البين بالشرقية. وأكد حرص الدولة على رد الحقوق لأصحابها، ومحاسبة كل معتد، ودعا إلى أن يكون أولياء الدم قدوة لغيرهم في العفو والتسامح. وأكد أولياء الدم أنهم راضون بقضاء الله وقدره، وأن تنازلهم تم لوجه الله، ثم تلبية لشفاعة نائب خادم الحرمين الشريفين، مشيرين إلى حرص أمير عسير على ما فيه مصلحة أبناء المنطقة وإزالة أسباب الفرقة والشحناء بينهم